كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

وَفِي الْآيَةِ الْأُولَى يَأْمُرُ اللَّهُ نبيَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّبْرِ لِحُكْمِهِ، وَالِاحْتِمَالِ لِمَا يَلْقَاهُ مِنْ أَذَى قَوْمِهِ، ويعلِّل ذَلِكَ الْأَمْرَ بِأَنَّهُ بِمَرْأًى مِنْهُ، وَفِي كِلَاءَتِهِ وَحِفْظِهِ.
وَفِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ يُخْبِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ نبيِّه نوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ لَمَّا كذَّبه قَوْمُهُ، وحقَّت عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ، وَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالطُّوفَانِ؛ حَمَلَهُ هُوَ ومَن مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى سَفِينَةٍ ذَاتِ ألواحٍ عَظِيمَةٍ مِنَ الْخَشَبِ ودُسُرٍ؛ أَيْ: مَسَامِيرَ، جَمْعُ دِسَار، تُشَدُّ بِهَا الْأَلْوَاحُ، وَأَنَّهَا كَانَتْ تَجْرِي بِعَيْنِ اللَّهِ وَحِرَاسَتِهِ.
وَفِي الْآيَةِ الثَّالِثَةِ خطابٌ مِنَ اللَّهِ لنبيِّه مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنَّهُ أَلْقَى عَلَيْهِ محبَّةً مِنْهُ؛ يَعْنِي: أَحَبَّهُ هُوَ سُبْحَانَهُ وحبَّبه إِلَى خَلْقِهِ، وَأَنَّهُ صَنَعَهُ عَلَى عَيْنِهِ، وربَّاه تَرْبِيَةً اسْتَعَدَّ بِهَا لِلْقِيَامِ بِمَا حَمَّلَهُ مِنْ رِسَالَةٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ.

ـ[ (وَقَوْلُهُ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (¬1) ، وَقَوْلُهُ: {لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء} (¬2) ، وَقَوْلُهُ: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} (¬3) ، {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (¬4) ، {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} (¬5) ،]ـ
¬_________
(¬1) المجادلة: (1) .
(¬2) آل عمران: (181) .
(¬3) الزخرف: (80) .
(¬4) طه: (46) .
(¬5) العلق: (14) .

الصفحة 119