كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

التِّسْعَةِ مِنْ قَوْمِ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ {تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} أَيْ: لَيَقْتُلُنَّه بَيَاتًا هُوَ وَأَهْلَهُ، {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ} ، فكانَ عاقبةُ هَذَا الْمَكْرِ مِنْهُمْ أَنْ مَكَرَ اللَّهُ بِهِمْ فدمَّرهم وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (¬1) .

ـ[ (وَقَوْلُهُ: {إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} (¬2) ، {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (¬3)) .]ـ
/ش/ قَوْلُهُ: {إِن تُبْدُواْ خَيْرًا ... } إِلَخْ؛ هَذِهِ الْآيَاتُ تضمَّنت إِثْبَاتَ صِفَاتِ الْعَفْوِ وَالْقُدْرَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْعِزَّةِ وَالتَّبَارُكِ وَالْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
فالعَفُوُّ الَّذِي هُوَ اسْمُهُ تَعَالَى؛ مَعْنَاهُ: الْمُتَجَاوِزُ عَنْ عُقُوبَةِ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ تَابُوا إِلَيْهِ وَأَنَابُوا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَات} (¬4) .
وَلَمَّا كَانَ أَكْمَلُ الْعَفْوِ هُوَ مَا كَانَ عَنْ قُدْرَةٍ تامَّة عَلَى الِانْتِقَامِ وَالْمُؤَاخَذَةِ؛ جَاءَ هَذَانِ الِاسْمَانِ الْكَرِيمَانِ: العَفُوُّ وَالْقَدِيرُ مُقْتَرِنَيْنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي غَيْرِهَا.
وَأَمَّا الْقُدْرَةُ؛ فَهِيَ الصِّفَةُ الَّتِي تتعلَّق بِالْمُمْكِنَاتِ إِيجَادًا وَإِعْدَامًا،
¬_________
(¬1) انظر: ((تفسير ابن كثير)) (6/207) .
(¬2) النساء: (149) .
(¬3) النور: (22) .
(¬4) الشورى: (25) .

الصفحة 125