كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

وَالْأَرْضَ؟ بِأَنَّهُ كَانَ فِي عَمَاءٍ.. الْحَدِيثَ (¬1) .
وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ أَنَّهُ زَجَرَ السَّائِلَ، وَلَا قَالَ لَهُ: إِنَّكَ غَلَطْتَ فِي السُّؤَالِ.
إِنَّ قُصَارَى مَا يَقُولُهُ الْمُتَحَذْلِقُ مِنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ وَلَا مَكَانَ، ثُمَّ خَلَقَ الْمَكَانَ، وَهُوَ الْآنَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْمَكَانِ.
فَمَاذَا يَعْنِي هَذَا المُخَرِّف بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ؟!
هَلْ يَعْنِي بِهِ تِلْكَ الْأَمْكِنَةَ الْوُجُودِيَّةَ الَّتِي هِيَ دَاخِلُ مُحِيطِ الْعَالَمِ؟!
فَهَذِهِ أَمْكِنَةٌ حَادِثَةٌ، وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِوُجُودِ اللَّهِ فِي شيءٍ مِنْهَا؛ إِذْ لَا يَحْصُرُهُ وَلَا يُحِيطُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ.
وَأَمَّا إِذَا أَرَادَ بِهَا الْمَكَانَ العَدَميَّ الَّذِي هُوَ خلاءٌ محضٌ لَا وُجُودَ فِيهِ؛ فَهَذَا لَا يُقَالُ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ خَلْقٌ؛ إِذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْخَلْقُ، فَإِنَّهُ أَمْرٌ عدميٌّ، فَإِذَا قِيلَ: إِنَّ اللَّهَ فِي مَكَانٍ بِهَذَا الْمَعْنَى؛ كَمَا دلَّت عَلَيْهِ الْآيَاتُ
¬_________
(¬1) يشير إلى حديث أبي رزين العقيلي رضي الله عنه، قال: قلتُ: يا رسول الله! أين كان ربُّنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال:
((كان في عماء، ما تحته هواء، وما فوقه هواء، وخلق عرشه على الماء)) .
أخرجه الترمذي في التفسير، (باب: ومن سورة هود) (8/528-تحفة) ، وحسنه، وابن ماجه في المقدمة، (باب: فيما أنكرت الجهمية) ، وأحمد في ((المسند)) (4/11) .
قال الأرناؤوط:
((وفي سنده وكيع بن عُدُس ـ أو حُدُس ـ لم يوثِّقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي وغيره)) .
انظر: ((جامع الأصول)) (1989) ، والحديث ضعَّفه الألباني في تخريج كتاب ((السنة)) (رقم 612) . قال يزيد بن هارون:
((العماء؛ أي: ليس معه شيء)) .

الصفحة 141