كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

الْأَزَلِ، لَا يَحْدُثُ مِنْهُ فِي ذَاتِهِ شيءٌ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} ؛ فَهِيَ تُفِيدُ حُدُوثَ الْكَلَامِ عِنْدَ مَجِيءِ مُوسَى لِلْمِيقَاتِ، وَيَقُولُ: {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ} ؛ فَهَذَا يَدُلُّ حُدُوثِ النِّدَاءِ عِنْدَ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ.
وَالنِّدَاءُ لَا يَكُونُ إِلَّا صَوْتًا مَسْمُوعًا.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي شَأْنِ آدَمَ وَحَوَّاءَ: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا ... } الْآيَةَ؛ فَإِنَّ هَذَا النِّدَاءَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بَعْدَ الْوُقُوعِ فِي الْخَطِيئَةِ، فَهُوَ حَادِثٌ قَطْعًا.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ ... } إلخ؛ فَإِنَّ هَذَا النِّدَاءَ وَالْقَوْلَ سَيَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:

((مَا مِنْ عبدٍ إلاَّ سيكلِّمُهُ اللَّهُ يومَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ بينَهُ وبينَه تَرجمان)) (¬1) .
ـ[ ( {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ} (¬2) ، {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ]ـ
¬_________
(¬1) رواه بألفاظ مختلفة: البخاري في التوحيد، (باب: كلام الربّ عزّ وجلّ) ، و (باب: في قوله تعالى: الثاني وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ} ) (13/423-فتح) ، وفي الزكاة، والأنبياء، والأدب، والرقاق، ومسلم في الزكاة، (باب: الحث على الصدقة ولو بشق تمرة) (7/106-نووي) ، والترمذي في صفة القيامة.
و (تَرجمان) ؛ بفتح التاء والجيم، وضم الجيم (تَرجُمان) ، وبضم التاء والجيم (تُرجُمان) ؛ ثلاث لغات صحيحة. انظر: ((الصحاح)) (مادة: ر ج م) .
(¬2) التوبة: (6) .

الصفحة 152