كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا أمورٌ ممكنةٌ أَخْبَرَ بِهَا الصَّادِقُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ وآلِه، وَكُلُّ مُمْكِنٍ أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِوُقُوعِهِ كَمَا أَخْبَرَ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا تُسْتَفَادُ إِلَّا مِنْ خَبَرِ الرَّسُولِ، فَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ كُلِّهِ.
وَأَمَّا أَهْلُ الْمُرُوقِ وَالْإِلْحَادِ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ؛ فَيُنْكِرُونَ هَذِهِ الْأُمُورَ؛ مِنْ سُؤَالِ الْقَبْرِ، وَمِنْ نَعِيمِ الْقَبْرِ، وَعَذَابِهِ، وَالصِّرَاطِ، وَالْمِيزَانِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ بِدَعْوَى أَنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ بِالْعَقْلِ، وَالْعَقْلُ عِنْدَهُمْ هُوَ الْحَاكِمُ الأوَّل الَّذِي لَا يَجُوزُ الْإِيمَانُ بِشَيْءٍ إلاَّ عَنْ طَرِيقِهِ، وَهُمْ يردُّون الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ بِدَعْوَى أَنَّهَا أَحَادِيثُ آحَادٍ لَا تُقبل فِي بَابِ الِاعْتِقَادِ، وَأَمَّا الْآيَاتُ، فيؤوِّلونها بِمَا يَصْرِفُهَا عَنْ مَعَانِيهَا.
وَالْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ: ((بِفِتْنَةِ الْقَبْرِ)) عَلَى مَعْنَى فِي؛ أَيْ: بِالْفِتْنَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْقَبْرِ.
وَأَصْلُ الْفِتْنَةِ وَضْعُ الذَّهَبِ وَنَحْوِهِ عَلَى النَّارِ لِتَخْلِيصِهِ مِنَ الْأَوْضَارِ وَالْعَنَاصِرِ الْغَرِيبَةِ، ثُمَّ استُعْمِلَتْ فِي الِاخْتِبَارِ وَالِامْتِحَانِ.
وَأَمَّا عَذَابُ الْقَبْرِ وَنَعِيمُهُ؛ فَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي حقِّ آلِ فِرْعَوْنَ: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} (¬1) ، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ عَنْ قَوْمِ نُوحٍ: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا} (¬2) ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ((الْقَبْرُ إِمَّا رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ)) (¬3) .
¬_________
(¬1) غافر: (46) .
(¬2) نوح: (25) .
(¬3) (ضعيف) . رواه الترمذي في صفة القيامة (7/160-تحفة) ، قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (3/46) : ((رواه الطبراني في ((الأوسط)) ، وفيه محمد بن أيوب بن سويد، وهو ضعيف)) . اهـ
وقال ابن حجر في ((تخريج الكشاف)) (ص35) (رقم291) : ((رواه الترمذي من حديث أبي سعيد، وهو ضعيف)) . اهـ
وقد ضعّفه من قبله شيخ العراقي في ((تخريج الإحياء)) (1/302) .
وضعّف إسناده كلٌّ من السخاوي في ((المقاصد الحسنة)) (ص302 رقم758) ، والهندي في ((تذكرة الموضوعات)) (ص216) .
والحديث ضعَّفه الألباني في ((ضعيف الجامع)) (1231) ، والأرناؤوط في ((جامع الأصول)) (8696) .

الصفحة 203