كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

{عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} (¬1) .
يَعْنِي: يَحْمَدُهُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَوْقِفِ جَمِيعًا.
وَقَدْ أَمَرَنَا نبيُّنا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا سَمِعْنَا النِّدَاءَ أَنْ نَقُولَ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ:
((اللَّهُمَّ ربَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّة، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وعدتَه)) (¬2) .
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((وَأَمَّا الشَّفَاعَةُ الثَّانِيَةُ؛ فَيَشْفَعُ فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ)) ؛ يَعْنِي: أَنَّهُمْ ـ وَقَدِ استحقُّوا دُخُولَ الْجَنَّةِ ـ لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ بِدُخُولِهَا إِلَّا بَعْدَ شَفَاعَتِهِ (¬3) .
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((وَهَاتَانِ الشَّفَاعَتَانِ خاصَّتان لَهُ)) ؛ يَعْنِي: الشَّفَاعَةَ فِي أَهْلِ الْمَوْقِفِ، وَالشَّفَاعَةَ فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلُوهَا.
وتنضمُّ إِلَيْهِمَا ثَالِثَةٌ، وَهِيَ شَفَاعَتُهُ فِي تَخْفِيفِ الْعَذَابِ عَنْ بَعْضِ الْمُشْرِكِينَ؛ كَمَا فِي شَفَاعَتِهِ لِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، فَيَكُونُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ؛
¬_________
(¬1) الإسراء: (79) .
(¬2) رواه البخاري في الأذان، (باب: الدعاء عند النداء) (2/94-فتح) ، وفي تفسير سورة الإسراء، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
(¬3) (صحيح) . لما رواه مسلم في الإيمان، (باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها) (3/70-نووي) ، عن حذيفة بن اليمان وأبي هريرة رضي الله عنهما مرفوعًا:
((يجمع الله تبارك وتعالى الناس، فيقوم المؤمنون حتى تُزْلَفَ لهم الجنة، فيأتون آدم، فيقولون: يا أبانا! استفتح لنا ... )) .
ثم ذكر في الحديث إتيانَهم إبراهيم وموسى وعيسى ... إلى أن قال:
((فيأتون محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيقوم، فيؤذن له)) .

الصفحة 217