كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} (¬1) ، {أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى} (¬2) .
فَإِنَّهُ لَا يَلِيقُ فِي حِكْمَةِ الْحَكِيمِ أَنْ يَتْرُكَ النَّاسَ سُدًى مهمَلين، وَلَا يُؤْمَرُونَ، وَلَا يُنْهَون، وَلَا يُثابون وَلَا يُعاقبون؛ كَمَا لَا يَلِيقُ بِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَالْبَرِّ وَالْفَاجِرِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
{أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} (¬3) .
فَإِنَّ الْعُقُولَ الصَّحِيحَةَ تَأْبَى ذَلِكَ وَتُنْكِرُهُ أشدَّ الْإِنْكَارِ.
وَكَذَلِكَ نبَّههُم اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ بِمَا أَوْقَعَهُ مِنْ أَيَّامِهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ إِكْرَامِ الطَّائِعِينَ، وَخِذْلَانِ الطَّاغِينَ.
وَأَمَّا تَفَاصِيلُ الْأَجْزِيَةِ وَمَقادِيرُهَا؛ فَلَا يُدْرَكُ إِلَّا بِالسَّمْعِ وَالنُّقُولِ الصَّحِيحَةِ عَنِ الْمَعْصُومِ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ.

ـ[ (وَتُؤْمِنُ الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ. وَالإِيمَانُ بِالْقَدَرِ عَلَى دَرَجَتَينِ؛ كُلُّ دَرَجَةٍ تَتَضَمَّنُ شَيْئَيْنِ) .]ـ
¬_________
(¬1) المؤمنون: (115) .
(¬2) القيامة: (36) .
(¬3) ص: (28) .

الصفحة 219