كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

ـ[وَيَشْهَدُونَ بِالْجَنَّةِ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَالْعَشَرَةِ، وَثَابِتِ بْنِ قِيْسِ بنِ شَمَّاسٍ، وَغَيْرِهِم مِّنَ الصَّحَابَةِ) .]ـ
/ش/ وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((ويفضِّلون مَن أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ ـ وَهُوَ صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ ـ وَقَاتَلَ عَلَى مَن أَنْفَقَ مِنْ بَعْدِهِ وَقَاتَلَ)) ؛ فلورود النص القرآن بِذَلِكَ، قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ:
{لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} (¬1) .
وَأَمَّا تَفْسِيرُ الْفَتْحِ بِصُلْحِ الحُديبية؛ فَذَلِكَ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَدْ صحَّ أَنَّ سُورَةَ الْفَتْحِ نَزَلَتْ عَقِيبَهُ (¬2) .
وَسُمِّيَ هَذَا الصُّلْحُ فَتْحًا؛ لِمَا ترتَّب عَلَيْهِ مِنْ نَتَائِجَ بَعِيدَةِ الْمَدَى فِي عزَّة الْإِسْلَامِ، وقوَّته وَانْتِشَارِهِ، وَدُخُولِ النَّاسِ فِيهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((ويقدِّمون الْمُهَاجِرِينَ عَلَى الْأَنْصَارِ)) ؛ فَلِأَنَّ الْمُهَاجِرِينَ جَمَعُوا الْوَصْفَيْنِ: النُّصْرَةَ وَالْهِجْرَةَ، وَلِهَذَا كَانَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَبَقِيَّةُ الْعَشَرَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِتَقْدِيمِ الْمُهَاجِرِينَ عَلَى الْأَنْصارِ فِي
¬_________
(¬1) الحديد: (10) .
(¬2) لما رواه البخاري في التفسير، (باب: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} ) (8/582-فتح) بإسناد ظاهره الإرسال-ووصله الترمذي؛ انظر ((الصحيح المسند)) (ص139) ، ومسلم في الجهاد والسير، (باب: صلح الحديبية) (12/381-نووي) .

الصفحة 239