كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((ويُثَلِّثون بِعُثْمَانَ، ويربَّعون بعليٍّ..)) إلخ؛ فَمَذْهَبُ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ تَرْتِيبَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فِي الْفَضْلِ عَلَى حَسَبِ تَرْتِيبِهِمْ فِي الْخِلَافَةِ، وَهُمْ لِهَذَا يفضِّلون عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ، محتجِّين بِتَقْدِيمِ الصَّحَابَةِ عُثْمَانَ فِي الْبَيْعَةِ عَلَى عليٍّ.
وَبَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ يفضِّل عَلِيًّا؛ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ مَا وَرَدَ مِنَ الْآثَارِ فِي مَزَايَا عليٍّ وَمَنَاقِبِهِ أَكْثَرُ.
وَبَعْضُهُمْ يتوقَّف فِي ذَلِكَ.
وَعَلَى كُلِّ حالٍ؛ فَمَسْأَلَةُ التَّفْضِيلِ لَيْسَتْ ـ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ ـ مِنْ مَسَائِلِ الْأُصُولِ الَّتِي يُضلَّل فِيهَا الْمُخَالِفُ، وَإِنَّمَا هِيَ مَسْأَلَةٌ فرعيَّة يتَّسع لَهَا الْخِلَافُ.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْخِلَافَةِ؛ فَيَجِبُ الِاعْتِقَادُ بِأَنَّ خِلَافَةَ عُثْمَانَ كَانَتْ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ بِمَشُورَةٍ مِنَ السِّتَّةِ (¬1) ، الَّذِينَ عيَّنهم عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِيَخْتَارُوا الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِهِ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ خِلَافَةَ عُثْمَانَ كَانَتْ بَاطِلَةً، وَأَنَّ عَلِيًّا كَانَ أَحَقَّ بِالْخِلَافَةِ مِنْهُ؛ فَهُوَ مبتدعٌ ضالٌّ يَغْلِبُ عَلَيْهِ التشيُّع؛ مَعَ مَا فِي قَوْلِهِ مِنْ إزراءٍ بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.

ـ[ (وَيُحِبُّونَ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَتَوَلَّوْنَهُمْ، وَيَحْفَظُونَ فِيهِمْ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: حَيْثُ قَالَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ:]ـ
¬_________
(¬1) وهم: علي، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعد، وعبد الرحمن. رضي الله عنهم أجمعين.
انظر: ((صحيح البخاري)) (7/61-فتح) .

الصفحة 244