كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

وقال ابنُ جرير الطبري: إنّ الله تعالى لا خُلف لوعده، وقد وصل الاستثناء بقوله: {عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ} ؛ أي غير مقطوع، وعلى كل تقدير؛ فهذا الاستثناء من المتشابه، وقوله: {عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذ ٍ} ؛ محكم، فنأخذ بالمُحْكم، وندع المتشابه إلى عالِمه.
وقوله تعالى: {أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا} (¬1) .
وقوله تعالى: {وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ} (¬2) .
وقد أكّدَ اللهُ خلود أهل الجنّة بالتأبيد في عدة مواضع من القرآن، وأخبر أنّهم: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى} (¬3) ، وهذا الاستثناء منقطع، وإذا ضممتَهُ إلى الاستثناء في قوله تعالى: {إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ} ؛ تبيَّنَ أنَّ المراد من الآيتين استثناء الوقت الذي لم يكونوا فيه في الجنّة من مدَّة الخلود؛ كاستثناء الموتة الأولى من جملة الموت؛ فهذه موتة تقدمت على حياتهم الأبدية، وذلك مفارقة للجنة تقدمت على خلودهم فيها.
والأدلة من السنة على أبدية الجنة ودوامها كثيرة؛ كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((مَن يدخلُ الجنة ينعَمُ ولا يبأس، ويخلدُ ولا يموتُ)) (¬4) ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((يُنادِ مُنادٍ: يا أهل الجنة! إنّ لكم أن
¬_________
(¬1) الرعد: (35) .
(¬2) الحجر: (48) .
(¬3) الدخان: (56) .
(¬4) (صحيح) . رواه: أحمد في ((المسند)) (15/190/رقم8030 شاكر) ، ومسلم في (الجنة، باب في دوام نعيم أهل الجنة) ؛ بلفظ: ((من يدخل الجنة؛ ينعم ولا يبأس؛ لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه)) .

الصفحة 299