كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

وَلَيْسَ فِيمَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ تشبيهٌ وَلَا تمثيلٌ)) (¬1) .

ـ[ (لأَنَّهُ سُبْحَانَهُ: لاَ سَمِيَّ لَهُ، وَلاَ كُفْءَ لَهُ، وَلاَ نِدَّ لهُ) .]ـ
/ش/ قَوْلُهُ: ((لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا سَمِيَّ لَهُ ... إلخ)) ؛ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ إِخْبَارًا عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ: ((لَا يكيِّفون وَلَا يمثِّلون)) .
وَمَعْنَى: ((لَا سميَّ لَهُ)) أَيْ: لَا نَظِيرَ لَهُ يستحقُّ مِثْلَ اسْمِهِ (¬2) ، أَوْ لَا مسامِيَ لَهُ يُسَامِيهِ، وَقَدْ دلَّ عَلَى نَفْيِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ مَرْيَمَ:
{ِهَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (¬3) .
فَإِنَّ الِاسْتِفْهَامَ هُنَا إنكاريٌّ، مَعْنَاهُ النَّفْيُ.
وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ نَفْيِ السميِّ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يسمَّى بِمِثْلِ أَسْمَائِهِ، فَإِنَّ هُنَاكَ أَسْمَاءً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، ولكنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ إِذَا سمِّي اللَّهُ بِهَا؛ كَانَ مَعْنَاهَا مُخْتَصًّا بِهِ لَا يَشْرَكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، فَإِنَّ الِاشْتِرَاكَ إِنَّمَا هُوَ فِي مَفْهُومِ الِاسْمِ الكلِّي، وَهَذَا لَا وُجُودَ لَهُ إلاَّ فِي الذِّهْنِ، وَأَمَّا فِي الْخَارِجِ؛ فَلَا يَكُونُ الْمَعْنَى إِلَّا جُزْئِيًّا مُخْتَصًّا، وَذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يُضَافُ
¬_________
(¬1) أورده الذهبي بإسناده في كتاب ((العلو)) ، وقال الألباني في ((مختصر العلو)) (ص184) :
((وهذا إسنادٌ صحيحٌ)) . اهـ
ونُعَيم بن حماد: هو أبو عبد لله نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخُزاعي المروزي، قال الخطيب: ((يقال إنه أوَّل من جمع المسند في الحديث)) . وهو أعلم الناس بالفرائض، كان شديد الرد على الجهمية وأهل الأهواء، توفي سنة (228هـ) .
(¬2) انظر: (ص163) .
(¬3) مريم: (65) : {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} .

الصفحة 72