كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

ـ[وَالإِثْبَاتِ) .]ـ
/ش/ لمَّا بيَّن فِيمَا سَبَقَ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَصِفُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كُلُّهُ إِثْبَاتًا وَلَا كُلُّهُ نَفْيًا؛ نبَّه عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ((وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَمَعَ ... إِلَخْ)) .
وَاعْلَمْ أنَّ كُلًّا مِنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مجملٌ ومفصَّلٌ.
أَمَّا الْإِجْمَالُ فِي النَّفْيِ؛ فَهُوَ أَنْ يُنفَى عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كلُّ مَا يضادُّ كَمَالَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْعُيُوبِ وَالنَّقَائِصِ؛ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى:
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (¬1) ، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (¬2) ، {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (¬3) .
وَأَمَّا التَّفْصِيلُ فِي النَّفْيِ؛ فَهُوَ أَنْ يُنَزَّهَ اللَّهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ وَالنَّقَائِصِ بِخُصُوصِهِ، فينَزَّهُ عَنِ الْوَالِدِ، وَالْوَلَدِ، وَالشَّرِيكِ، وَالصَّاحِبَةِ، وَالنِّدِّ، وَالضِّدِّ، وَالْجَهْلِ، وَالْعَجْزِ، وَالضَّلَالِ، وَالنِّسْيَانِ، والسِّنة، وَالنَّوْمِ، وَالْعَبَثِ، وَالْبَاطِلِ ... إِلَخْ.
وَلَكِنْ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا فِي السُّنَّةِ نفيٌ محضٌ؛ فَإِنَّ النَّفْيَ الصِّرْفَ لَا مَدْحَ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُراد بِكُلِّ نفيٍ فِيهِمَا إِثْبَاتُ مَا يُضَادُّهُ مِنَ الْكَمَالِ: فَنَفْيُ الشَّرِيكِ وَالنِّدِّ؛ لِإِثْبَاتِ كَمَالِ عَظَمَتِهِ وتفرُّده بِصِفَاتِ
¬_________
(¬1) الشورى: (11) .
(¬2) مريم: (65) .
(¬3) الصافات: (159) ، المؤمنون (91) .

الصفحة 77