كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

الْكَمَالِ، وَنَفْيُ الْعَجْزِ؛ لِإِثْبَاتِ كَمَالِ قُدْرَتِهِ، وَنَفْيُ الْجَهْلِ؛ لِإِثْبَاتِ سَعَةِ عِلْمِهِ وَإِحَاطَتِهِ، وَنَفْيُ الظُّلْمِ؛ لِإِثْبَاتِ كَمَالِ عَدْلِهِ، وَنَفْيُ الْعَبَثِ؛ لِإِثْبَاتِ كَمَالِ حِكْمَتِهِ، وَنَفْيُ السِّنة وَالنَّوْمِ وَالْمَوْتِ؛ لِإِثْبَاتِ كَمَالِ حَيَاتِهِ وقيُّومِيَّتِه.. وَهَكَذَا.
وَلِهَذَا كَانَ النَّفي فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِنَّمَا يَأْتِي مُجْمَلًا فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ؛ بِخِلَافِ الْإِثْبَاتِ؛ فَإِنَّ التَّفْصِيلَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنَ الْإِجْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ.
وَأَمَّا الْإِجْمَالُ فِي الْإِثْبَاتِ؛ فَمِثْلُ إِثْبَاتِ الْكَمَالِ الْمُطْلَقِ، وَالْحَمْدِ الْمُطْلَقِ، وَالْمَجْدِ الْمُطْلَقِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1) ، {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ} (¬2) .
وَأَمَّا التَّفْصِيلُ فِي الْإِثْبَاتِ؛ فَهُوَ متناوِلٌ لِكُلِّ اسْمٍ أَوْ صِفَةٍ وَرَدَتْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَهُوَ مِنَ الْكَثْرَةِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ أَنْ يُحْصِيَهُ؛ فَإِنَّ مِنْهَا مَا اخْتَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعِلْمِهِ؛ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
((سُبْحَانَكَ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عليكَ أَنْتَ كَمَا أثنيتَ عَلَى نَفْسِكَ)) (¬3) .
وَفِي حَدِيثِ دُعَاءِ الْمَكْرُوبِ:
¬_________
(¬1) الفاتحة: (2) .
(¬2) النحل: (60) .
(¬3) رواه مسلم في الصلاة، 0باب: ما يُقال في الركوع والسجود) (4/450-نووي) عن عائشة مرفوعًا:
((اللهُمَّ إني أعوذ برضاك من سَخَطِكَ، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيتَ على نفسك)) .
والحديث رواه الأربعة والإمام أحمد.

الصفحة 78