كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

/ش/ رَوَى مُسْلِمٌ فِي ((صَحِيحِهِ)) (¬1) عَنْ أُبيّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ النبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَهُ:
((أَيُّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَعْظَمُ؟)) .
قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
فردَّدها مِرَارًا، ثُمَّ قَالَ أُبيٌّ: آيَةُ الْكُرْسِيِّ.
فَوَضَعَ النَّبِيُّ يَدَهُ عَلَى كَتِفِهِ، وَقَالَ: ((لِيَهْنِكَ هَذَا الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ)) .
وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ أَحْمَدَ:
((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ إِنَّ لَهَا لِسَانًا وَشَفَتَيْنِ تقدِّس الْمَلِكَ عِنْدَ سَاقِ الْعَرْشِ)) (¬2) .
وَلَا غَرْوَ، فَقَدِ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْعَظِيمَةُ مِنْ أَسْمَاءِ الربِّ وَصِفَاتِهِ عَلَى مَا لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَيْهِ آيَةٌ أُخْرَى.
فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ فِيهَا عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ المتوحِّد فِي إلهيَّتِه، الَّذِي لَا تَنْبَغِي الْعِبَادَةُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا وَسَائِرِ صُوَرِهَا إِلَّا لَهُ.
ثُمَّ أَرْدَفَ قَضِيَّةَ التَّوْحِيدِ بِمَا يَشْهَدُ لَهَا مِنْ ذِكْرِ خَصَائِصِهِ وَصِفَاتِهِ الْكَامِلَةِ، فَذَكَرَ أَنَّهُ الْحَيُّ الَّذِي لَهُ كَمَالُ الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّ حَيَاتَهُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ، فَهِيَ أزليَّة أبديَّة، وَكَمَالُ حَيَاتِهِ يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ جَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ الذاتيَّة
¬_________
(¬1) في صلاة المسافرين، (باب: فضل سورة الكهف وآية الكرسي) (6/341-نووي) ، ورواه أبو داود في الصلاة، (باب: ما جاء في آية الكرسي) (4/334-عون) .
(¬2) (إسنادها صحيح) . روى هذه الزيادة عبد بن حميد في ((مسنده)) (1/199) من طريق مسلم نفسه، كما رواها أحمد في ((المسند)) (5/141) (18/92-ساعاتي) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (4/459) ، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (5/323) ، والحكيم الترمذي في ((نوادر الأصول)) (ص337) . وانظر: ((موسوعة فضائل سور القرآن)) (1/141) .

الصفحة 84