كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

بِذَاتِهِ، وَقَادِرٌ بِذَاتِهِ.. إلخ، وَمِنْهُمْ مَن فَسَّرَ أَسْمَاءَهُ بمعانٍ سَلْبِيَّةٍ، فَقَالَ: عَلِيمٌ؛ مَعْنَاهُ: لَا يَجْهَلُ. وقادرٌ؛ مَعْنَاهُ: لَا يَعْجِزُ.. إلخ.
وَهَذِهِ الْآيَاتُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، فَقَدْ أَخْبَرَ فِيهَا سُبْحَانَهُ عَنْ إِحَاطَةِ عِلْمِهِ بِحَمْلِ كُلِّ أُنْثَى وَوَضْعِهَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَالْكَيْفِ؛ كَمَا أَخْبَر عَنْ عُمُومِ قُدْرَتِهِ، وَتَعَلُّقِهَا بِكُلِّ مُمْكِنٍ، وَعَنْ إِحَاطَةِ عِلْمِهِ بِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ.
وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَكِّيُّ (¬1) فِي كِتَابِهِ ((الْحِيدَةِ)) لِبِشْرٍ المَرِيسِيِّ (¬2) الْمُعْتَزِلِيِّ وَهُوَ يُنَاظِرُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعِلْمِ:
((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَمْدَحْ فِي كِتَابِهِ [مَلَكًا مقرَّبًا وَلَا نَبِيًّا مُرْسَلًا] (¬3) وَلَا مُؤْمِنًا تَقِيًّا بِنَفْيِ الْجَهْلِ عَنْهُ؛ لِيَدُلَّ عَلَى إِثْبَاتِ الْعِلْمِ لَهُ، وَإِنَّمَا مَدَحَهُمْ بِإِثْبَاتِ الْعِلْمِ لَهُمْ، فَنَفَى بِذَلِكَ الْجَهْلَ عَنْهُمْ ... فمَن أَثْبَتَ الْعِلْمَ نَفَى الْجَهْلَ، ومَن نَفَى الْجَهْلَ لَمْ يُثْبِتِ الْعِلْمَ)) (¬4) .
وَالدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ عَلَى عِلْمِهِ تَعَالَى أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ إِيْجَادُهُ الْأَشْيَاءَ مَعَ الْجَهْلِ؛ لِأَنَّ إِيجَادَهُ الْأَشْيَاءَ بِإِرَادَتِهِ، وَالْإِرَادَةُ تَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بالمُراد، وَلِهَذَا قَالَ سُبْحَانَهُ:
¬_________
(¬1) هو عبد العزيز بن يحيى الكناني المكي الفقيه، كان من أهل العلم والفضل، تفقَّه على الشافعي وصاحبه، توفي سنة (240هـ) .
(¬2) متكلِّم مناظر من موالي آل زيد بن الخطاب، من الداعين بخلق القرآن، وكان عالم الجهمية في عصره، مات سنة (218هـ) .
(¬3) كذا في طبعة الجامعة الإسلامية، وكتاب ((الحيدة)) نشر عبد العزيز آل الشيخ (ص32) ، وفي طبعة الإفتاء بدون [مقربًا] ، وفي كتاب ((الحيدة)) تحقيق الدكتور علي الفقيهي (ص46) : [ملكًا ولا نبيًا] .
(¬4) ((الحيدة)) (ص30) طبعة الجامعة الإسلامية، و (ص46) بتحقيق الفقيهي.

الصفحة 93