كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

يَقْصِدْ بِهِ نَفْيَ صِفَاتِ: كَمَالِهِ، وعلوِّه عَلَى خَلْقِهِ، وَتَكَلُّمِهِ بِكُتُبِهِ، وَتَكَلُّمِهِ لِرُسُلِهِ، وَرُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ لَهُ جَهْرَةً بِأَبْصَارِهِمْ كَمَا تَرَى الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فِي الصَّحْوِ ... )) اهـ.
وَمَعْنَى {السَّمِيعُ} : الْمُدْرِكُ لِجَميعِ الْأَصْوَاتِ مَهْمَا خَفَتَتْ، فَهُوَ يَسْمَعُ السِّرَّ وَالنَّجْوَى بِسَمْعٍ هُوَ صِفَةٌ لَا يُمَاثِلُ أَسْمَاعَ خَلْقِهِ.
وَمَعْنَى {البَصِيرُ?} : الْمُدْرِكُ لِجَمِيعِ الْمَرْئِيَّاتِ مِنَ الْأَشْخَاصِ وَالْأَلْوَانِ مَهْمَا لَطُفَتْ أَوْ بَعُدَتْ، فَلَا تُؤَثِّرُ عَلَى رُؤْيَتِهِ الْحَوَاجِزُ وَالْأَسْتَارُ، وَهُوَ مِنْ فَعِيلٍ بِمَعْنَى مُفْعِل، وَهُوَ دالٌّ عَلَى ثُبُوتِ صِفَةِ الْبَصَرِ لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ.
رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي ((سُنَنِهِ)) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} (¬1) ، فَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ، وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عَيْنَيْهِ (¬2) .
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَسْمَعُ بِسَمْعٍ، وَيَرَى بِعَيْنٍ، فَهُوَ حُجَّةٌ
¬_________
(¬1) النساء: (58) .
(¬2) (صحيح) . رواه أبو داود في السنة، (باب: في الجهمية) (13/37-عون) ، وصحح إسناده الألباني والأرناؤوط.
انظر: ((صحيح سنن أبي داود)) (3/895) .
و ((جامع الأصول)) (5020) .
وقال الحافظ ابن حجر في ((الفتح)) (13/373) .
((أخرجه أبو داود بسند قوي على شرط مسلم)) .
ثم ذكر حديث عقبة بن عامر عند البيهقي: ((سمعتُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول على المنبر: ((إن ربنا سميع بصير)) ، وأشار بيده إلى عينه)) .
وقال الحافظ: ((سنده حسن)) .

الصفحة 97