كتاب شرح العقيدة الواسطية للهراس

صِفَتَيِ الْإِرَادَةِ وَالْمَشِيئَةِ، وَالنُّصُوصُ فِي ذَلِكَ لَا تُحْصَى كَثْرَةً.
وَالْأَشَاعِرَةُ يُثْبِتُونَ إِرَادَةً وَاحِدَةً قَدِيمَةً تعلَّقت فِي الْأَزَلِ بِكُلِّ الْمُرَادَاتِ، فَيَلْزَمُهُمْ تخلُّف الْمُرَادِ عَنِ الْإِرَادَةِ.
وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ؛ فَعَلَى مَذْهَبِهِمْ فِي نَفْيِ الصِّفَاتِ لَا يُثْبِتُونَ صِفَةَ الْإِرَادَةِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّهُ يُرِيدُ بِإِرَادَةٍ حَادِثَةٍ لَا فِي مَحَلٍّ، فَيَلْزَمُهُمْ قِيَامُ الصِّفَةِ بِنَفْسِهَا، وَهُوَ مِنْ أَبْطَلِ الْبَاطِلِ.
وَأَمَّا أَهْلُ الْحَقِّ؛ فَيَقُولُونَ: إِنَّ الْإِرَادَةَ عَلَى نَوْعَيْنِ:
1- إِرَادَةٌ كَوْنِيَّةٌ تُرَادِفُهَا الْمَشِيئَةُ، وَهُمَا تتعلَّقان بِكُلِّ مَا يَشَاءُ اللَّهُ فِعْلَهُ وَإِحْدَاثَهُ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا وَشَاءَهُ؛ كَانَ عَقِبَ إِرَادَتِهِ لَهُ؛
كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (¬1) .
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ:
((مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ)) (¬2) .
2- وَإِرَادَةٌ شَرْعِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِمَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ مِمَّا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ، وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
¬_________
(¬1) يس: (82) .
(¬2) هذا جزء من حديث ضعيف؛ رواه أبو داود، في الأدب، (باب: ما يقول إذا أصبح) (13/415-عون) ، والنسائي في ((عمل اليوم والليلة)) (ص140 رقم12) ، وابن السني من طريقه في ((عمل اليوم والليلة)) (ص25 رقم46) ، قال الحافظ:
((حديث غريب)) .
انظر: ((الفتوحات الربانية)) (2/121) ، و ((الأذكار)) للنووي، تخريج بشير عيون (رقم232) ، و ((ضعيف الجامع)) ) (4121) .
لكنّ معناه صحيح حتمًا.

الصفحة 99