كتاب الاختلاط بين الرجال والنساء (اسم الجزء: 2)
قَالَ الإمام النَّوَوِيّ: «اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَحْرَمًا لَهُ - صلى الله عليه وآله وسلم - , وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّة ذَلِكَ فَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ وَغَيْره: كَانَتْ إِحْدَى خَالَاته مِنْ الرَّضَاعَة , وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَتْ خَالَة لِأَبِيهِ أَوْ لِجَدِّهِ؛ لِأَنَّ عَبْد الْمُطَّلِب كَانَتْ أُمّه مِنْ بَنِي النَّجَّار» (¬1).
وَقَالَ أيضًا: «وكانت أُمّ سُلَيْم هذه هي وأختها خالتين لرسولِ الله - صلى الله عليه وآله وسلم -» (¬2).
وقَالَ الحافظ ابنُ حَجَر: «وَجَزَمَ أَبُو الْقَاسِم بْن الْجَوْهَرِيّ والدَاوُدِيُّ وَالْمُهَلَّب فِيمَا حَكَاهُ اِبْن بَطَّال عَنْهُ بِمَا قَالَ اِبْن وَهْب قَالَ: وَقَالَ غَيْره إِنَّمَا كَانَتْ خَالَة لأَبِيهِ أَوْ جَدّه عَبْد الْمُطَّلِبِ , وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ سَمِعْت بَعْض الْحُفَّاظ يَقُول: كَانَتْ أُمّ سُلَيْمٍ أُخْت آمِنَة بِنْت وَهْب أُمّ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وآله وسلم - مِنْ الرَّضَاعَة» (¬3).
والقول بالمحرمية بالنسب فيه نظر، لأنّ خفاء قرابة النسب يبعد بخلاف الرَّضَاعَ؛ فإنّ الرَّضَاعَة من الأجنبية كانت منتشرة في ذلك الوقت، وربما خفي أمْرُها على أقرب الناس.
ومما وَرَدَ في خفاء الرضاع من الحَدِيث:
1 - عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -، وَعِنْدِي رَجُلٌ قَاعِدٌ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ، قَالَتْ: فَقَالَ: «انْظُرْنَ إِخْوَتَكُنَّ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ» (رواه البخاري ومسلم).
فانظرْ كيفَ خفي أمر رضاعة من هي من أقرب الناس إليه - صلى الله عليه وآله وسلم - وهي زوجته.
¬_________
(¬1) شرح النَّوَوِيّ على صحيح مسلم (13/ 57).
(¬2) تهذيب الأسماء (2/ 626).
(¬3) فتح الباري (11/ 78).
الصفحة 360
688