كتاب الاختلاط بين الرجال والنساء (اسم الجزء: 2)

سُلَيْمٍ؟» فَقَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللهِ، نَرْجُو بَرَكَتَهُ لِصِبْيَانِنَا»، قَالَ: «أَصَبْتِ» (رواه مسلم) (¬1).
وتأمل قولَ أَنَسِ - رضي الله عنه -: «كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَدْخُلُ بَيْتَ أُمِّ سُلَيْمٍ فَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِهَا، وَلَيْسَتْ فِيهِ»؛ فهل يعقل أن يترك أهل الكفر والنفاق ـ زمن النبوة ـ مثل هذا الموقف دون استغلاله في الطعن في النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - وفي نبوته؟ وهم الذين طعنوا في أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - بمجرد شبهة باطلة!!
وما فتأوا (¬2) يحيكون الدسائس والمؤامرات والشائعات!!
وكذلك لِمَ لمْ يتكلموا في أُمّ سُلَيْم وأختها أُمّ حَرَام كما تكلموا في عائشة - رضي الله عنها -؟!!
2 - حَدِيثُ أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بَيْتًا بِالْمَدِينَةِ غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: «إِنِّي أَرْحَمُهَا قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي» (رواه البخاري ومسلم).
قَالَ ابن حَجَر: «قَوْله: (لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بِالْمَدِينَةِ بَيْتًا غَيْر بَيْتٍ أَمْ سَلِيم) قَالَ الحُمَيْدِيّ: لَعَلَّهُ أَرَادَ عَلَى الدَّوَامِ وَإِلَّا فَقَدَ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أُمّ حَرَام.
وَقَالَ اِبْن التِّينِ: يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ الدُّخُولُ عَلَى أُمِّ سَلِيم وَإِلَّا فَقَدَ دَخَلَ عَلَى أُخْتِهَا أُمِّ حَرَام، وَلَعَلَّهَا ـ أَيْ أَمُّ سَلِيم ـ كَانْت شَقِيقَة المَقْتُولِ أَوْ وَجَدَتْ عَلَيْهِ أَكْثَر مِنْ أُمّ حَرَام.
قُلْت (أي الحافظ ابن حجر): «لَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فَإِنَّ بَيْت أُمّ حَرَام وَأُمّ سَلِيم وَاحِد وَلَا مَانِع أَنْ تَكُونَ الأُخْتَانِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ كَبِيرٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ مَعْزِل فَنُسِبَ
¬_________
(¬1) قَوْله: (فَفَتَحَتْ عَتِيدَتهَا) هِيَ كَالصُّنْدُوقِ الصَّغِير، تَجْعَلُ الْمَرْأَة فِيهِ مَا يَعِزُّ مِنْ مَتَاعهَا.
مَعْنَى فَزِعَ: اِسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمه. (من شرح النووي على مسلم (15/ 87).
(¬2) ما أفْتَأَ يفعل كذا، وما فَتِئَ، وما فَتَأَ: أي ما زال، وما برح، قال تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85)} (يوسف: 85)، أي لا تزال تذكره، والنفي في الآية بعد القسم وقبل الفعل المضارع ملحوظ وإن لم يذكر. (مختار الصحاح، المعجم الوسيط، مادة: فتأ).

الصفحة 362