كتاب الاختلاط بين الرجال والنساء (اسم الجزء: 2)
تَارَةً إِلَى هَذِهِ وَتَارَةً إِلَى هَذِهِ» (¬1).
وما أجاب به الحُمَيْدِيّ واِبْن التِّينِ يتضمن تفسيرًا لقوله: «فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ» فإنَّه سؤالٌ عن سبب كثرة دخوله عليها، ولا يجوز أنْ يكون سؤالًا عن سبب دخوله عليها لكونها أجنبيةً منه، فإنَّ ذلك لا يناسبه ما أجاب به - صلى الله عليه وآله وسلم - من قوله: «إِنِّي أَرْحَمُهَا قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي» فتعين أن يكون السؤال عن غير هذا.
قَالَ النَّوَوِيّ: «قَدْ قَدَّمْنَا فِي كِتَاب الْجِهَاد عِنْد ذِكْر أُمّ حَرَام أُخْت أُمّ سُلَيْمٍ أَنَّهُمَا كَانَتَا خَالَتَيْنِ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - مَحْرَمَيْنِ إِمَّا مِنْ الرَّضَاع , وَإِمَّا مِنْ النَّسَب , فَتَحِلُّ لَهُ الْخَلْوَة بِهِمَا , وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِمَا خَاصَّةً , لَا يَدْخُلُ عَلَى غَيْرهمَا مِنْ النِّسَاء إِلَّا أَزْوَاجه. قَالَ الْعُلَمَاء: فَفِيهِ جَوَاز دُخُول الْمَحْرَم عَلَى مَحْرَمه , وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى مَنْع دُخُول الرَّجُل إِلَى الْأَجْنَبِيَّة. وَإِنْ كَانَ صَالِحًا , وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْمَشْهُورَة فِي تَحْرِيم الْخَلْوَة بِالْأَجْنَبِيَّةِ.
قَالَ الْعُلَمَاء: أَرَادَ اِمْتِنَاع الْأُمَّة مِنْ الدُّخُول عَلَى الْأَجْنَبِيَّات» (¬2).
قَالَ العينيُّ: «قَالَ الكرمانيّ: «كيف صار قتل الأخ سببًا للدخول على الأجنبية؟» قلتُ: «لم تكن أجنبية كانت خالة لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من الرَّضَاعَ، وقيل: من النسب فالمحرمية كانت سببًا لجواز الدخول» (¬3).
3 - وعَنْ سُلَيْمَانُ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - عَلَيْنَا وَمَا هُوَ إِلا أَنَا وَأُمِّي وَأُمُّ حَرَامٍ خَالَتِي فَقَالَ: «قُومُوا فَلِأُصَلِّيَ بِكُمْ»، فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ فَصَلَّى بِنَا فَقَالَ رَجُلٌ لِثَابِتٍ: «أَيْنَ جَعَلَ أَنَسًا مِنْهُ؟ قَالَ: جَعَلَهُ عَلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ دَعَا لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ
¬_________
(¬1) فتح الباري (6/ 51).
(¬2) شرح النووي على صحيح مسلم (16/ 10).
(¬3) عمدة القاري (14/ 138).
الصفحة 363
688