كتاب الاختلاط بين الرجال والنساء (اسم الجزء: 2)

هؤلاء ثلاثة ليسوا من المجاهيل في الصحابة والصحابيات، وما الذي جعل علاقة النَّبِيّ بهم على هذا المستوى من الاهتمام، وكثرة السؤال عنهم.
إن هذا لا يكون إلا في حالة واحدة، وهي أن تكون هناك درجة من القرابة تجعل المرأتين من محارم النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم -، سواء أكان ذلك من جهة النسب كما قَالَ بعض المؤرخين، أو كان من جهة الرَّضَاعَة كما قَالَ البعض الآخر.
فهل يمكن عقلًا للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، أن يخالف الناس إلى ما ينهاهم عنه؟
وهل يجيز المنطق أو العادة أن يسمح النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - لغير قريبه من الصبيان أن يخدمه في بيته عشر سنوات كاملات؟.
وهل يعقل أن يترك أهل الكفر والنفاق ـ زمن النبوة ـ مثل هذا الموقف دون استغلاله في الطعن في النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - وفي نبوته؟
أمور كلها تعد من قبيل الشواهد التي لا تخطيء والدلالات التي تورث اليقين بأن النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - كان قريبا قرابة محرمة لأُمّ سُلَيْم وأختها أُمّ حَرَام.
وخصوصًا وأنّ بعض الروايات تقول كان النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - يدخل بيت أُمّ سُلَيْم فينام على فراشها وليست فيه، ورواية عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُخْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ الرُّمَيْصَاءِ قَالَتْ نَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَاسْتَيْقَظَ، وَكَانَتْ تَغْسِلُ رَأْسَهَا، فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللهِ أَتَضْحَكُ مِنْ رَأْسِى؟» قَالَ «لاَ». (رواه أبو داود وصححه الألباني).
قد يقول قائل: قريبات النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - معروفات، وليس منهن أُمّ سُلَيْم ولا أُمّ حَرَام.
والجواب: إننا نتحدث عن مجتمع لم يكن يمسك سجلات للقرابات وخاصة إذا كانت القرابة في النساء، فهناك قريبات كثيرات أغفلهن التاريخ في هذا المجتمع وأهملهن الرواة» (¬1).
¬_________
(¬1) السنة في مواجهة أعدائها (ص202 - 206).

الصفحة 367