كتاب الاختلاط بين الرجال والنساء (اسم الجزء: 2)

الشبهة الثالثة عشرة:
عرض النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - أن تركب خلفه:
حَدِيث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالَتْ: «تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَالَهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ ولاَ مَمْلُوكٍ ولا شيْءٍ غَيْرَ ناضِجٍ وغيْرَ فَرَسِهِ، فَكنْت أعْلِفُ فَرَسَهُ وأسْتَقِي المَاءَ وأخْرِزُ غَرْبَهُ وأعْجِنُ، ولَمْ أكُنْ أُحْسِنُ أخْبِزُ، وكانَ يخْبِزُ جارَاتٌ لِي مِنَ الأنْصَارِ، وكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وكُنْتُ أنْقُلُ النَّوَى مِنْ أرْضِ الزُّبَيْرِ الّتِّي أقْطَعَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا والنَّوَى عَلَى رَأسِي فَلَقِيتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - ومَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الأنْصَارِ فَدَعانِي، ثُمَّ قَالَ: «إخْ إخْ» لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فاسْتَحْيَيْتُ أنْ أسِيرَ مَعَ الرِّجالِ، وذَكَرْتُ الزُّبَيْر وغَيْرَتَهُ ـ وكانَ أغْيَرَ النَّاسِ ـ فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - أنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى فَجِئْتُ الزبَيْرَ، فَقْلُتُ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - وعلَى رأسِي النَّوَى ومَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أصْحابِهِ فأناحَ لِأَرْكَبَ فاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ، فَقَالَ: «وَاللهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كانَ أشَدَّ عَليَّ مِنْ ركُوبِكِ مَعَهُ»، قالَتْ: حتَّى أرسَلَ إلَيَّ أبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ يَكْفِينِي سِيَاسَةَ الفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أعْتَقَنِي» (رواه البخاري ومسلم) (¬1).
والشاهد من الحَدِيث قولها: «فَدَعانِي ثُمَّ قَالَ: «إخْ إخْ» لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ».
ربما يقول قائل: كيف يحملها خلفه، هي ليست محرمًا له، وربما يحصل نوع مسيس؟.
الجواب:
1 - أنّ في دلالة مفهوم الحَدِيث احتمالًا؛ قَالَ الحافظ ابن حَجَر:
«قَوْله (لِيَحْمِلنِي خَلْفه) كَأَنَّهَا فَهِمَتْ ذَلِكَ مِنْ قَرِينَة الْحَال، وَإِلَّا فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون
¬_________
(¬1) (غَرْبه) هُوَ الدَّلْو. قَوْله (وَأَعْجِن) أَيْ الدَّقِيق. قَوْله (وَكُنَّ نِسْوَة صَدْقٍ) أَضَافَتْهُنَّ إِلَى الصِّدْق مُبَالَغَة فِي تَلَبُّسهنَّ بِهِ فِي حُسْن الْعِشْرَة وَالْوَفَاء بِالْعَهْدِ. قَوْله (وَهِيَ مِنِّي) أَيْ مِنْ مَكَان سُكْنَاهَا.

قَوْله (فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ: إِخْ إِخْ) كَلِمَة تُقَال لِلْبَعِيرِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُنِيخهُ (باختصار من فتح الباري).

الصفحة 370