الشبهة الأولى بعد المائة:
دخول قيس بن أبي حازم وغيره على أسماء بنت عميس:
عَنْ قَيْسِ بن أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي بَكْرٍ ـ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ ـ فِي مَرَضِهِ، فَرَأَيْنَا امْرَأَةً بَيْضَاءَ مَوْشُومَةَ الْيَدَيْنِ تَذُبُّ عَنْهُ وَهِيَ أَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ.
(رواه الطبراني في (المعجم الكبير)، وصححه الألباني).
الجواب:
1 - هذا الأثر ليس صريحًا في الدلالة على ما يدعو إليه دعاة الاختلاط، فإنه واقعة عيْن والاحتمالات تَرِدُ عليه ـ كما سيأتي ـ لمخالفته لنصوص مُحْكَمة تنهى عن الاختلاط.
وإذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال؛ وقد قَال الإمَامُ الشَّافِعِيِّ - رحمه الله -: «وَقَائِعُ الْأَحْوَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبَ الْإِجْمَالِ، وَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال» (¬1).
وإن صح استدلالهم به فليس لهم فيه حجة لأن قول الصحابي وفعله لا اعتبار له إذا خالف الكتاب والسنة، قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} (النساء: 59).
وقال الإمام الشاطبي - رحمه الله -: «قالوا: ضعف الرويَّة أن يكون رأى فلانًا يعمل فيعمل مثله، ولعله فعله ساهيًا» (¬2).
2 - هذا الأثر ليس فيه أن قيسًا ومَن معه جلسوا مع زوجة أبي بكر - رضي الله عنه -، ومن يزعم أنها جلسَتْ معهم فليأتنا بالدليل، فمن المحتمل أنهم رأوها عند دخولهم ثم قامت.
¬_________
(¬1) حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (3/ 365).
(¬2) الاعتصام (2/ 508).