كتاب الوفا بما يجب لحضرة المصطفى

الظاهر جقمق فجدد ذلك في سنة ثلاث وخمسين وثمان ماية وقبلها على يد الأمير برد بك التاجي المعمار وغيره.
وأما القبة التي في الحجرة الشريفة فعملت في أيام الملك المنصور قلاوون الصالحي سنة ثمان وسبعين وستمائة، وهي مربعة من أسفلها، مثمنة من أعلاها بأخشاب أقيمت وسمر عليها ألواح من خشب ومن فوقها ألواح الرصاص، ولم يكن قبل ذلك في الحجرة الشريفة قبة لا قبل حريق المسجد ولا بعده بل كان حول حجرة النبي صلى الله عليه وسلم في السقف حظيراً مقدار نصف قامة مبنياً بالآجر تمييزاً للحجرة الشريفة، ولما عملت القبة المذكورة جعلوا مكان الحظير المذكور شباكاً من خشب وتحته أيضاً بين السقفين ألواح قد سمر بعضها إلى بعض، وسمر عليها ثوب مشمع، وفيها طابق مقفل إذا فتح كان النزول منه إلى ما بين حائط بيت النبي صلى الله عليه وسلم وبين الحايز الذي بناه عمر بن عبد العزيز وذلك على منوال الطابق الذي كان قبل الحريق، وقد جددت القبة المذكورة في أيام الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون فاختلت الألواح الرصاص عن وضعها فخشوا من كثرة الأمطار، فجددت وأحكمت في أيام الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد في سنة خمس وستين وسبعمائة.
وفي كلام الأقشهري في (روضته) مايقتضي أن بين جدار النبي صلى الله عليه وسلم وبين جدار عمر بن عبد العزيز جدار آخر فإنه نقل عن أبي غسان أنه قال: سمعت غير واحد من أهل العلم يزعم أن عمر بنى البيت غير بنائه الذي كان عليه، وسمعت من يقول: بنى على بيت النبي صلى الله عليه وسلم فدور القبر ثلاثة أجدر: جدار بيت النبي صلى الله عليه وسلم وجدار البيت الذي يزعم أنه بنى عليه وجدار الحظار الظاهر، وهو خلاف ما صرح به المؤرخون قالوا: وإنما جعل عمر بن عبد العزيز بنيان الحائط المذكور على خمس زوايا لئلا يستقيم لأحد استقبال القبر الشريف بالصلاة لتحذيره صلى الله عليه وسلم من ذلك.
قال أبو غسان: وإنما جعل مزوراً كراهة أن يشبه الكعبة فيكون مربعاً وأن يتخذ قبلة

الصفحة 101