كتاب الوفا بما يجب لحضرة المصطفى

وهو بناء عجيب لا يكاد يتأتى تصويره لاختلاف مقادير زواياه وانحرافها. وأما تأزيره بالرخام فحدث في خلافة المتوكل أمر إسحق بن سلمة وكان على عمارة الحرمين من قبله أن يؤزر بالرخام ففعل ثم في خلافة المقتفي سنة ثمان وأربعين وخمسماية جدده الجواد جمال الدين وزير بني زنكي وجعل الرخام قامة وبسطة، وهو اليوم كذلك.
وأما الدرابزين الخشب الدائر على الحجرة الشريفة حول الجدار المذكور فأحدثه السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس، وذلك أنه لما حج سنة سبع وستين وستمائة أراد ذلك فقاس ما حول الحجرة بيده وقدره بحبال وحملها معه وعمل الدرابزين وأرسله في سنة ثمان وستين وأداره عليها وعمل ثلاثة أبواب: قبلياً وشرقياً وغربياً، ونصبه بين الأساطين التي تلي الحجرة الشريفة إلا من ناحية الشام فإنه زاد فيه إلى متهجد النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم أحدث للمقصورة المذكورة باب رابع من جهة الشمال في رحبة المسجد وبأعلاه سقف لطيف له رفرف يحيط به بارز في الرحبة وذلك عند زيادة الرواقين المتقدم ذكرهما.
وقد أحدث هذا الباب وأمامه من جهة رحبة المسجد سقف لطيف أيضاً نحو ستة أذرع وهو دون سقف المسجد، وجعل له رفرف يمنع الشمس وبسط تحته الرخام الملون نسبة الرخام الذي داخل الدرابزين المذكور حول حايز عمر بن عبد العزيز بالأرض، وذلك في دولة الملك الظاهر جقمق على يد الأمير برد بك التاجي المعمار سنة ثلاث وخمسين وثمان ماية.
من نبه على أول حدوثه.
…قال المراغي: اعلم أن الذي عمله الملك الظاهر من الدرابزين نحو القامتين، فلما كان في سنة أربع وتسعين وستماية زاد عليه الملك العادل زين الدين كتبغا شباكا دائراً عليه ورفعه حتى وصل بسقف المسجد الشريف وأبوابها بأبواب الحجرة وما يعلق بسقفها من القناديل الذهب وغيره بقناديل الحجرة.

الصفحة 102