كتاب الوفا بما يجب لحضرة المصطفى

… وقال العلامة مجد الدين الشيرازي ـ عقب فنقل ذلك ـ: والذي ذكره موجه أن أحد الأبواب مفتوح دائماً لمن قصد الدخول والزيارة، فيمكن من أراد الصلاة الدخول والوقوف مع الصف الأول في الروضة.
ولا يخفى أن في تقريب الدرابزين من الحجرة إخراجاً للبناء عن وضعه اللائق أيضاً فيه تضييق عظيم على الزائرين لا سيما عند زحام الموسم، فإنه مع هذا الاتساع يختنق المكان بالخلق، فكيف لو ضيق بحيث يتصل الدرابزين بجدار الحجرة لا يقال أنه كان يتسع من جهة الشرق للزائرين لأن الناس إنما يقصدون هذه الجهة لكون الرأس الشريف هناك، وليكون الابتداء بالتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم دون أن يتخطوا الشيخين رضي الله عنهما، فتأمل ذلك فإنه صحيح، وهذه الكيفية لا مزيد عليها في الحسن ولم يتعطل شيء من الروضة بسبب ذلك بل بسبب كسل المصلين، وقد رأيت جماعة من الخدام يصلون داخل الدرابزين في أيام الجمعات، انتهى.
قلت: وما ذكره صحيح بالنسبة إلى زمنه، فإن الباب المذكور كان مفتوحاً في سائر الأوقات، لكن حدث بعد ذلك غلق الأبواب كلها دائماً، بحيث لا يصل أحد من عامة الناس إلى الدخول لا لزيارة ولا لصلاة سوى بعض الخدام والفراشين عند الإسراج فقط، وبعض من يزورون من ذوي الجاه، وتحقق بسبب ذلك تعطيل تلك البقعة، والسبب في ذلك أن قاضي القضاه بالشام نجم الدين ابن حجي لما حج رأى ازدحام الناس بذلك المحل قيل: ورؤي شيء من الخرق الملوثة بالنجاسة ملقاة هناك، فأفتى بغلق تلك الأبواب كلها وأمر به، ورأى أن ذلك تعظيماً وخالفه في ذلك شيخ الإسلام فقيه العصر شرف الدين المناوي قدس الله روحه، فأفتى بفتحها.
وأخبرني شيخ المحدثين بالحرم الشريف النبوي ناصر الدين أبو الفرج ابن الشيخ زين الدين المراغي وغيره أن حج قاضي القضاه ابن حجي كان في سنة اثنين وعشرين وثمانماية

الصفحة 104