كتاب الوفا بما يجب لحضرة المصطفى

وأنه أفتى بذلك لما ورد المدينة الشريفة صحبة الحاج الشامي ذاهباً إلى مكة المشرفة، وكان شيخ الإسلام ولي الدين العراقي قد حج في تلك السنة أيضاً، فلما قدم المدينة صحبة الحاج المصري سأل عن ذلك فأفتى بالفتح، وأنه لما أفتى به استمر، وكان خدام الحرم الشريف يميلون لذلك ويقصدونه، فلما رجع قاضي القضاه نجم الدين صحبة الحاج الشامي بلغه ذلك فتناول شيخ الإسلام العراقي بكلمات، ثم استمر الفتح إلى أن ولي قاضي القضاة نجم الدين المشار إليه ديوان الإنشاءات استنجز مراسيم السلطان بالأمر بالغلق سنة ثمان وعشرين على ما أخبرني به شيخ المحدثين المذكور فاستمر ذلك إلى اليوم، وكان شيخنا شرف الدين المشار إليه يصوب ما أفتى به شيخنا شيخ الإسلام ولي الدين المشار إليه ويقول: لا شك أن ذلك المحل من المسجد، فإن كان وجود النجاسة فيه مقتضياً لتعطيله وصيانته بالغلق فليغلق المسجد بأجمعه، فإن الحكم في كل واحد من حيث وجوب صونه عن النجاسة، وأما الوضع الذي يقرب من المحل الشريف فعلى تقدير اختصاصه بمزيد فقد حصل صيانته بما بناه عمر بن عبد العزيز من الحايز، مع أن السنة أن يقف الزائر على نحو أربعة أذرع من المحل الشريف، وقد قالوا: أن بين الحايز المذكور وبين الحجرة الشريفة فضاء وللحايز المذكور عرض أيضاً، وربما قيل أن بينهما جدار آخر.
قلت: ووقوع النجاسة هناك في غاية الندور فأنا بحمد الله تعالى عدة سنين بالمسجد الشريف فلم نرى فيه شيئاً من ذلك لا في الموسم ولا في غيره، بل هو معظم مصان غاية الصيانة، مع أنه قد ورد أن الكلاب كانت تقبل وتدبر في مسجده صلى الله عليه وسلم ولم يقتضي ذلك تعطيله بالغلق في شيء من الأوقات، فالواجب فتح هذه الأبواب أو بعضها وتمكين الزائرين والمصلين من تلك البقعة، وهذا ظاهر متعين والله أعلم.
…اعلم وفقني الله وإياك أنه لما وقفت على ما تضمنه كلامهم السابق في أمر حريق المسجد وترك ما سقط من الهدم على ذلك من المحل المنيف وبقائه إلى يومنا هذا

الصفحة 105