كتاب الوفا بما يجب لحضرة المصطفى

…وجاء في حديث ذكر الشيخ مجد الدين الشيرازي أن إسناده على شرط الشيخين عن ابن عباس رضي الله عنهما: أوحى الله تعالى إلى عيسى بن مريم: يا عيسى بن مريم آمن بمحمد ومر من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم ولولا محمد ما خلقت الجنة والنار ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن.
ووجوب المبالغة في تعظيمه صلى الله عليه وسلم وتوقيره غني عن البيان، ولم يختلف فيه قط اثنان، وكانت الصحابة رضي الله عنهم أعظم الناس في هذا الباب والفائزين بقصب السبق فيه من بين سائر ذوي الألباب.
وفي الحديث الصحيح أن عروة بن مسعود لما رجع في عام القضية إلى قريش وقد رأى حال الصحابة في تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر قريش، إني قد جئت كسرى في ملكه وقيصر في ملكه والنجاشي في ملكه، وإني والله ما رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم محمداً أصحابه.
والأحاديث في هذا الباب أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، وما أشرت إليه لا ينكر وقد ذكر أن أبا أيوب الأنصاري أنزل النبي صلى الله عليه وسلم في سفل داره أولاً ثم سأله في الصعود استعظاماً له، فقال صلى الله عليه وسلم: (في السفل أرفق بنا وبمن يغشانا)، فقال: لا والله لا أمشي فوقك أبداً قيل: إنما سأله ذلك لما انكسر الحب فتقاطر الماء عليه، فسأله فصعد حينئذ والحب بضم الحاء المهملة: الخابية.
…وعبارة الحافظ ابن النجار: كان صلى الله عليه وسلم: قد نزل في سفل بيت أبي أيوب وذكر أبو أيوب أنه أمسى بعمد فوق رأس النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل ساهراً حتى أصبح فأتاه فقال: يا رسول الله إني أخشى أن أكون ظلمت نفسي إن أمسيت فوق رأسك، فقال صلى الله عليه وسلم: (السفل أرفق بنا وبمن يغشنا) فلم يزل أبو أيوب يتضرع إليه حتى انتقل إلى العلو
وقد درج السلف والخلف على ذلك فأوجبوا للنبي صلى الله عليه وسلم التعظيم البالغ الذي لا مرمى وراءه ولا غاية بعده حتى قال بعض العلماء: من قال أن زمن رسول

الصفحة 108