كتاب الوفا بما يجب لحضرة المصطفى

الله صلى الله عليه وسلم وسخ وأراد به عيبه قتل من غير استتابة.
وقد أفتى علماء الأندلس بقتل من سماه في مناظرته يتيماً وختن حيدرة، وقال العلماء أنه يجب من الأدب معه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته كل مايجب معه قبلها وقال أبو إبراهيم إسحاق التجيبي: واجب على كل مؤمن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أو ذكر عنده أن يخضع ويخشع ويتوقر ويسكن من حركته ويأخذ في هيبته وإجلاله بما كان يأخذ به نفسه لو كان بين يديه.
قال القاضي عياض عقب ذلك: وهذه كانت سيرة سلفنا الصالح وأئمتنا الماضين.
وذكر ابن بشكوال أن مالكاً كان لايستعمل مستملياً، فلما كثر الناس عليه قيل له: لو جعلت مستملياً يسمع الناس فقال: قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) والنبي صلى الله عليه وسلم حرمته واحدة حياً أو ميتاً، أي فترك رفع الصوت بالحديث لكونه كان بحضرته صلى الله عليه وسلم.
قال القاضي عياض: كان مالك إذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم يتغير لونه وينحني حتى ذلكعلى جلسائه، فقيل له يوماً في ذلك فقال: لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم على ما ترون، لقد كنت أرى محمد بن المنكدر وكان سيد القراء لا يكاد تسأله عن حديث أبداً إلا بكى حتى ترحمه ولقد كنت أرى جعفر بن محمد وكان كثير الدعابة والتبسم فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم عنده إنسان فينظر إلى لونه كأنه ينزف منه الدم و قد جف هيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد كنت آتي صفوان وكان من المتعبدين المجتهدين فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فلا يزال يبكي حتى تقوم الناس عنه ويتركونه وفي (شعب الإيمان) للبيهقي عن مالك وكنا ندخل على أبوب السختياني فإذا ذكر له حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى حتى نرحمه فهذا حال العلماء رحمهم الله تعالى في الأدب والتعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا ومن إعظامه وإكباره إعظام جميع أسبابه وإكرام مشاهده وأمكنته ومعاهده وما لمسه صلى الله عليه وسلم بشيء من جسده وقد أفتى الإمام مالك رحمه الله فيمن قال: تربة المدينة

الصفحة 109