كتاب الوفا بما يجب لحضرة المصطفى

ردية بأن يضرب ثلاثين درة وأمر بحبسه وكان له قدر، وقال: ما أحوجه إلى ضرب عنقه، تربة دفن فيها صلى الله عليه وسلم يزعم أنها غير طيبة؟.
وروى القاضي عياض في كتابه (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) صلى الله عليه وسلم أن أمير المؤمنين أبا جعفر المنصور ناظر مالكاً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله أدب قوماً فقال: (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) الآية ومدح قوماً فقال: (إن الذين يغضون أصواتهم) الآية وذم قوماً فقال: (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات) الآية وإن حرمته ميتاً كحرمته حياً فاستكان لها أبو جعفر وقال: يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعوا؟ أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله يوم القيامة بل استقبله واستشفع به فيشفعك تعالى قال الله تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم) الآية.
وأظن العلامة مجد الدين الشيرازي أخذ من هذا قوله: ولأنه رأى من كان بالمسجد الشريف القبر المقدس في صلاة ولا غيرها من الأحوال ويلتهم الأدب شريعة وحقيقة في الأقوال والأفعال فقد ذكر ابن السبكي في ترجمة الإمام الخبوشاني أن القاضي الفاضل وزير السلطان دخل يوماً لزيارة الشافعي رضي الله عنه فوجد الشيخ يعني الخبوشاني يلقي الدرس على شيء ضيق فجلس على طرف وجنبه إلى القبر فصاح الشيخ قم، قم ظهرك إلى الإمام فقال الفاضل: إن كنت مستدبره بقالبي فأنا مستقبله بقلبي فصاح فيه أخرى وقال ما تعبد يا هذا فخرج الفاضل مدهوشاً.
فإذا كان ذلك فعله إلى قبر الشافعي فما ذاك لقبر سيد المرسلين ولهذا أجد في قلبي حرارة عظيمة من الصلاة على بعض الأموات بالروضة الشريفة مع جعل رجل الميت في تلك الجهة المنيفة وقد بسطت القول في ذلك في الأصل وسنشير إليه في الخاتمة وبالجملة فتعظيمه صلى الله عليه وسلم وتعظيم قبره الشريف

الصفحة 110