كتاب الوفا بما يجب لحضرة المصطفى

انتهوا إلى قوله تعالى من سورة يوسف: (وجاء إخوة يوسف) وانتهى في الزيارة إلى قبر أخيه يوسف، فرأيت القبر قد انشق فطلع منه إنسان طوال خفيف شعر اللحية صغير الرأس آدم اللون وهو يقول: من أخبركم بقصتنا؟ هكذا كانت قصتنا.
ومن ذلك ما ذكره الإمام البارزي في كتابه (توثيق عرى الإيمان) من أنه قد سمع من جماعة من الأولياء في زمننا وقبله أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة حياً.
والحكايات التي يستأنس بها في هذا الباب كثيرة شهيرة ومن ذلك ما ورد: فرش قطيفته صلى الله عليه وسلم في قبره الشريف، ففي الدارقطني، و (طبقات ابن سعد) قال وكيع: وهذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وعن الحسن أنه صلى الله عليه وسلم قال: (افرشوا لي قطيفتي في لحدي فإن الأرض لم تسلط على أجساد الأنبياء) ومن ذلك الحكاية المشهورة الدالة على حياة الشهداء فإنه صلى الله عليه وسلم سيدهم.
وقد نقل السبكي في (شفاء السقام) أن معاوية رضي الله عنه لما أجرى العين التي استنطها بالمدينة وذلك بعد أحد بنحو من خمسين سنة وأمر بنقل الموتى أصابت المساحي قدم حمزة رضي الله عنه فسال منه الدم، ذكره مستدلاً به في حياة الشهداء، ولعل هذه العين هي المعروفة بعين الشهداء لا بعين الأزرق وهو مروان بن الحكم أجراها بأمر معاوية أيضاً لأن أصلها بقبا معروف ولا ممر لها بالشهداء، فإن قيل: قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه) دال على عدم استمرار الحياة، قلنا: بل هو دال عليها، كما استدل به البيهقي وقال: معنى إلا وقد ورد الله على روحي: توجيهه كما قال بعضهم أنه دل على الرد عند سلام أول مسلم. وكونها تقبض بعد ذلك لم يرد ولم يقل به أحد ولا يجوز اعتقاده فإنه يفضي إلى موتات لا تحصر بل لا تخلو ساعة من الساعات من سلام عليه، فالحياة دائمة الثبوت رد السلام دائماً. وقال بعضهم: هذا الرد عبارة عن إيثار خاص والتفات روحاني يحصل من الحضرة النبوية إلى عالم الدنيا وتنزل

الصفحة 120