بذلك وأمثاله تعذر القطع بإقامتهم في قبورهم أحياء واستمرارهم فيها كما كانوا قبل وفاتهم.
والجواب عن الأحاديث المتقدمة أن يقال: أما حديث رد الروح فيتعذر إجراؤه على ظاهره لما يلزم عليه من المحذور وحينئذ فلا يتعين ما تقدم من التأويل، يجوز أن يكون المراد إلا رد الله علي إذ ذاك روحي للتسليم، وأما حديث صلاة موسى عليه الصلاة السلام في قبره فلا يدل على استمرار إقامته فيه كيف وقد صح في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم رآه ليلة المعراج في السماء السادسة وكذا غيره من الأنبياء فتعين التوفيق فيجوز أن يقال: أنهم صلاة الله عليهم مع كونهم في السماء قد ينتقلون إلى غيرها ولا يمكن في ذلك استمرارهم في القبور أحياء.
…قلت: مقتضى قوله على أن نعتقد أنهم أحياء عند ربهم إلى آخره، أن يسلم الحياة المذكورة وقد قال بعد ذلك: وأما إثبات حياة مغايرة لهذه الحياة المعهودة التي لابد لصاحبها في مطرد العادة البشرية من التعدي ولوازمه فليس محل النزاع.
فهو إنما يخالف في القول باستمرارهم أحياء في قبورهم كحياتهم في الدنيا ويعتقدوا أنهم ليسوا في قبورهم فيقال: لقد ذكرت أن هذه المسألة لا يكتفي فيها بالظنيات.
وقد سلمت لهم القطع بحياة وذلك كاف في إثباتها مع ما انضم إليه من أخباره صلى الله عليه وسلم بما يقتضي أنها حياة مع الأحياء كما تقدم وقد تحققنا وضع أجسادهم في قبورهم والأصل بقاؤها فلا يعتقد خلاف ذلك إلا بقاطع وما ذكره ليس بقاطع مع أنه معارض بالحديث المتقدم الأنبياء أحياء في قبورهم بعد أربعين ليلة على الهيئة التي دفنوا عليها من الموت وترك العمل ونحوه بل يحيون ويعبدون الله ويدل عليه قوله: لكنهم يصلون بين يدي الله والمصلين في قبره بين يدي الله وكذا يقال في حديث أنا أكرم على ربي من أن يتركني في قبري بعد ثلاث إن صح أي على تلك الحالة واختص صلى الله عليه وسلم بذلك من بين الأنبياء لمزيد شرفه وفضله عليهم وهو هكذا ظهر لي في