كتاب الوفا بما يجب لحضرة المصطفى

أشار إليه في حاشية رأيتها بخطة على هامش تاريخه، وقد ذكر القضية أيضاً العلامة جمال الدين عبد الرحيم الأسنوي في تأليف له يشتمل على نصيحة للولاة في استخدام النصارى، وترجمه بعضهم ب (الانتصارات الإسلامية لما تعدت عليه الملة النصرانية) ورأيت بظاهر نسخة منه بخط العلامة الشيخ زين الدين أبي بكر المتقدم ذكره مترجماً له بما صورته (نصيحة أولي الألباب في منع استخدام النصارى كتابا) لشيخنا العلامة جمال الدين الأسنوي ولم يسمه فسميته بحضرته، فأقرني عليه رحمه الله وكنيته أبو بكر، انتهى
وأنا أروي التأليف المذكور عن ولده الشيخ العلامة ناصرالدين أبي الفرج المراغي عن والده زين الدين المذكور عن مؤلفه، وقد أورد القصة فيه مبسوطة، لكن مع مخالفة لبعض ما تقدم، وذكر أن الوزير المذكور جمال الدين الموصلي فقال: وقد دعتهم أنفسهم في سلطنة الملك العادل نور الدين الشهيد إلى أمر عظيم ظنوا أنه يتم لهم (ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون)، وذلك أن السلطان المذكور كان له تهجد يأتي به بالليل وأوراد يأتي بها، فنام عقب تهجده فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه وهو يشير إلى رجلين أشقرين ويقول: (أنجدني من هذين) فاستيقظ فزعاً ثم توضأ وصلى ونام فرأى المنام بعينه، فاستيقظ ثم توضأ وصلى ونام فرآه أيضاً مرة ثالثة، فاستيقظ، وقال: لم يبق نوم، وكان له وزير من الصالحين يقال له جمال الدين الموصلي، فأرسل خلفه ليلاً وحكى له جميع ما اتفق له فقال له: وما قعودك اخرج الآن إلى المدينة النبوية واكتم ما رأيت فتجهز في بقية ليلته وخرج على رواحل خفيفة في عشرين نفر وصحبته الوزير المذكور ومال كثير، فقدم المدينة في ستة عشر يوماً فاغتسل خارجها ودخل فصلى في الروضة وزار ثم جلس لا يدري ما يصنع، فقال الوزير وقد اجتمع أهل المدينة في المسجد أن السلطان قصد زيارة النبي صلى الله عليه وسلم وأحضر معه مالاً فاكتبوا من عندكم، فكتبوا أهل المدينة كلهم، وأمر السلطان بحضورهم، وكل من حضر

الصفحة 129