خيل إليهم ابتلاع تلك الجبال، فقدم السلطان صبيحة تلك الليلة واتفق مسكهما واعترافهما، فلما ظهر حالهما على يديه ورأى تأهيل الله له لذلك بكى بكاءً شديداً وأمر بضرب رقابهما، فقتلا تحت الشباك الذي يلي الحجرة الشريفة ثم أمر بإحضار رصاص وملأ به الخندق فصار حول الحجرة سوراً رصاصاً خاصاً إلى الماء ثم عاد وأمر بإضعاف النصارى وأن لا يستعمل كاتب في عمل من الأعمال، وأمر مع ذلك بقطع المكوس جميعها، انتهى.
وهذه تشهد بما ذكره اليافعي في ترجمة السلطان المذكور أن بعض العارفين من الشيوخ ذكر أن السلطان نور الدين كان في الأولياء معدوداً من الأربعين، وصلاح الدين نائبه من الثلاثمائة، انتهى
قال ابن الأثير: طالعت تواريخ الملوك المتقدمين قبل الإسلام وفيه إلى يومنا فلم أر بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز ملكاً أحسن سيرة من الملك العادل نور الدين. انتهى.
… والعجب أني لم أقف في كلام من ترجمه على القصة المقدمة، وقد اتفق بعد الأربعمائة من الهجرة ما يقرب منها وهو ما حكاه ابن النجار في تاريخ بغداد بسنده المتصل أن بعض الزنادقة أشار على الحاكم العبيدي صاحب مصر بنقل النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه من المدينة إلى مصر وزين له ذلك وقال: متى تم ذلك شد الناس رحالهم من أقطار الأرض إلى مصر وكانت منقبة لساكنها فاجتهد الحاكم في مده وبنى بمصر حايراً وأنفق عليه مالاً جزيلاً وبعث أبا الفتوح لنبش الموضع الشريف فلما وصل المدينة الشريفة وجلس بها حضر جماعة المدينتين وقد علموا ما جاء فيه وحضر معهم قاري يعرف بالزلباني فقرأ في المجلس: (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدأوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين). فماج الناس وكادوا يقتلون أبا الفتوح ومن معه من