كتاب الوفا بما يجب لحضرة المصطفى

فأظهر أميرهم الرجوع إلى الله تعالى بالتوبة والإنابة وأعتق جميع مماليكه وشرع في رد المظالم إلى أربابها وهبط من القلعة مع قاضيهم سنان وأعيان البلد والتجؤوا إلى الحجرة الشريفة وباتوا بالمسجد الشريف بأجمعهم حتى النساء والأولاد ونقل أبو شامة عن مشاهدة كتاب سنان قاضي المدينة أن هذه النار رؤيت من مكة ومن الفلاة جميعها ورآها أهل ينبع قال الشيخ مجد الدين الشيرازي وغيره: ثم سال من هذه النار نهر من نار وأخذ في وادي أحيلين المتقدم ذكره وأهل المدينة يبصرونها من دورهم كأنها عندهم نور، سارت من مخرجها إلى جهة الشمال وهذه ثلاثة أشهر تدب في الوادي دبيب النمل وتأكل كلما مرت عليه من جبل أو حجر ولا تأكل الحشيش والشجر، والشمس والقمر في تلك المدة التي ظهرت فيها النار ما يطلعان إلا
كاسفين قال أبو شامة: وظهر عند باب دمشق أثر ذلك الكسوف من ضعف النور على الحيطان وكنا حيارى من سبب ذلك إلى أن بلغنا الخبر عن هذه النار وكل من ذكر هذه النار يقول في آخر كلامه: وعجايب هذه النار وعظمها يكل عن وصفها البنان والأقلام ويجل أن يحيط بشرحها البيان والكلام وفي هذا المعنى يقول قائلهم:
يا كاشف الدر صفحاً عن جرايمنا …… لقد أحاطت بنا يا رب بأساء
نشكو إليك خطوباً لا نطيق لها …… حملاً ونحن بها حقاً أحقاء
زلازلاً تخشع الصم الصلاب لها ……وكيف يقوى على الزلزال شماء
أقام سبعاً برج الأرض فانصدعت……عن منظر منه عين الشمس عشواء
بحر من النار تجري فوق سفن … من الهضاب لها في الأرض أرساء
ترمي لها شرراً كالقصر طائشة ……كأنها ديمة تنصب لها هطلاء
تنشق منها بيوت الصخر إن زفرت …رعباً وترعد مثل الشعف أضواء
منها تكاثف في الجو الدخان إلى ……أن عادت الشمس منه وهي دهماء
قد أثرت صفعة في البدر لفحتها ……فليلة التم بعد النور ليلاء

الصفحة 145