كتاب الوفا بما يجب لحضرة المصطفى

أهل بغداد وتهدمت دار الوزير وكان ذلك إنذاراً له أيضاً لما سيأتي من عظيم جرمه وتهدمت أيضاً دور كثيرة وأشرف الناس على الهلاك وسارت السفن في أزقة بغداد، وقد نظم ذلك بعضهم وقد أصلحه أبو شامة منبهاً على أن الأمرين في سنة بقوله:
سبحان من أصبحت مشيئته……جارية في الورى بمقدار
في سنة أغرق العراق وقد……أحرق أرض الحجاز بالنار
…ثم في أول السنة التي تلي هذه السنة وقعت الطامة الكبرى وهي أخذ التتار لبغداد وقتل الخليفة المستعصم على ما سيأتي بيانه فسبحان الملك العظيم الفعال لما يريد المبدع في عجائب مخلوقاته.
ومن عجائب هذه النار ما ذكره الشيخ جمال الدين المطري قال: أخبرني علم الدين سنجر العزي من عتقاء الأمير عز الدين منيف بن شيحة صاحب المدينة، قال: أرسلني عز الدين بعد ظهور هذه النار بأيام ومعي شخص من العرب وقال لنا ونحن فارسان أقربا من هذه النار وانظرا هل يقدر أحد على القرب منها فإن الناس هابوها لعظمها فخرجت أنا وصاحبي إلى أن قربنا منها فلم نجدها فنزلت عن فرسي وسرت إلى أن وصلت إليها وهي تأكل الصخر والحجر فأخذت سهماً من كنانتي ومددت يدي إلى أن وصل النصل إليها فلم أجد لذلك ألماً ولا حراً فعرق النصل ولم يحترق العود فأدرت السهم وأدخلت فيها الريش ولم يؤثر في العود.
…قال: وأخبرني بعض من أدركها وقال أبو شامة أخبرني بعض من أثق به بمن شاهدها بالمدينة أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب فظهرت بظهورها معجزة من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد صح أنه قال: (لا تقوم الساعة حتى تظهر نار بالحجاز تضيء لها

الصفحة 147