كتاب الوفا بما يجب لحضرة المصطفى

مال جزيل ولا يكمل خطبته حتى يحصل ما علق به نفسه من التأميل. انتهى.
… وقال العلامة ابن فرحون: أدركت من إذا هم له أنهم كانوا يرجمونه بالحصى وهو يخطب على المنبر فلما كثر ذلك منهم تقدم الخدام وجلسوا بين أيديهم أما المنبر فذلك هو السبب في إقامة صف الخدام يوم الجمعة قبالة الخطيب وخلفهم غلمانهم وعبيدهم.
…قلت: وإقامة صفهم هناك مستمر إلى اليوم وهذا مما بقي بعد زوال سببه ولله الحمد. … قال ابن فرحون: ثم إن السراج تزوج بنت القيشاني وكان رئيس الإمامية وفقيهها حتى إن المدينة لم يكن لها من يعرف مذهب الإمامية حتى جاءها القيشانيون من العراق وذلك أنهم كانوا أهل مال عظيم فصاروا يؤلفون ضعفة الناس بالمال ويعلمونهم قواعد مذهبهم ولم يزالوا على ذلك حتى ظهر مذهبهم وكثر المشتغلون به ولم يكن ضد ولا في مصر والشام من يلتفت إليهم لأن الملك العادل نور الدين وصلاح الدين بن أيوب كان همهما الجهاد لا يستقر لهما قرار وكان صاحب المدينة قاسم بن مهنا يحضر مع الملك الناصر صلاح الدين لما استقل بأمر حصر الفتوحات ويلازمه في الغزوات فلم يتجاسر أحد على الكلام في الإمامية في ذلك الزمان فلما صاهر القياشين السراج انكف عنه الأذى قليلاً وصار يخطب ويصلي من غير حكم ولا أمر ولا نهي وكان إذا عقد في البلد عقد نكاح بغير إذن علي بن سنان وأمره طلب الفاعلين من ذلك وعزرهم وسلط عليهم الشرفاء قال: وكان المجاورون وأهل السنة إذا أرادوا عقد نكاح أو فصل حكومة على مذهبهم يأتون والدي ليعقد لهم أو ليصلح بينهم فيقول: لا أفعل حتى يأتيني كتاب ابن سنان فينهون ويعطونه ما جرت به عادته فيكتب لهم إلى والدي ما صورته: يا أبا عبد الله اعقد نكاح فلانه على فلان أو أصلح بين فلان وفلان ولم يزل الأمر كذلك حتى كانت أيام شيخ الخدام الحريري فكثر المجاورون وسألوا الملك الناصر محمد بن قلاوون أن يكون لأهل السنة حاكم يحكم بينهم ويحملهم على مذهبهم فجاء بذلك تقليد للقاضي سراج الدين وجاء على ذلك خلعة وألفا

الصفحة 149