كتاب الوفا بما يجب لحضرة المصطفى

من جهة الشرع، ألا ترى أن كثيراً من البدع فعلت في الزمن المتقدم واستمرت إلى يومنا هذا فهل يجوز أن يقال حكمها تغير بسبب ذلك؟ نعم لا بأس بسلوك المحامل الحسنة والتأويلات لمن تقدم فنقول: قد تقرر أن الأمر لم يرجع إلى أهل السنة إلا من مدة متطاولة بحيث نسي هذا الأمر ألا ترى أنه لا يطلع عليه الآن إلا الأفراد من الناس وقد تكلمت في هذه المسألة مع قاضي القضاة جمال الدين الباعوني لما ورد المدينة الشريفة حاجاً فأورد على السؤال المتقدم فأجبته مما تقدم ثم قلت له: كم سن مولانا فقال نحو السبعين والثمانين الشك مني فقلت له: فهل اطلعت على هذا الأمر؟ فقال: لم أسمعه إلا منك الآن فقلت الاستدلال بترك من تقدم لذلك على تقدير صحته إنما يكون بعد العلم باطلاعهم عليه بأجمعهم ولم يثبت ثم من اطلع عليه قد يكون تكلم فلم يسمع منه وربما غلب عليه التقدير لمن مضى فإن الطباع قد جبلت على ذلك فلم يتجاسر على التكلم في ذلك ولأن المقام عظيم فربما يحجم ببادي الرأي عن ذلك، ولهذا قال المطري كما قدمناه في الباب الأول أنهم قصدوا عند عمارة السقف إزالة ذلك فلم يجسر أحد على النزول هناك، وقال العلامة مجد الدين فيما قدمنا عنه: أنه لا يتأتى من كل أحد بادي بدئه الدخول في ذلك والإقدام ويحتمل أن أهل السنة في ابتداء رجوع الأمر إليهم لم يفعلوا ذلك خشية من استطراق الروافض للوصول إلى الحجرة الشريفة فربما يتجاسرون على إخرج الشيخين رضي الله عنهما من هنالك فقد ذكر العلامة الشيخ محب الدين المطري في كتابه (الرياض النظرة) ما يقتضي همهم بذلك فمنعهم الله تعالى وخذلهم ولفظه: أخبرني هارون ابن الشيخ عمر وهو ثقة صدوق مشهور بالخير والصلاح والعبادة عن أبيه وكان من الأكابر قال: كنت مجاوراً وشيخ خدام رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذلك شمس الدين صواب اللمطي وكان رجلاً صالحاً كثير البر بالفقراء والشفقة عليهم وكان بيني وبينه أنس فقال لي ذات يوم: أخبرك

الصفحة 151