كتاب الوفا بما يجب لحضرة المصطفى

بعجيبة كان لي صاحب يجلس عند الأمير ويأتيني من خبره بما تمس حاجتي إليه فبينما أنا ذات يوم إذ جاءني فقال: أمر عظيم حدث اليوم قلت: وما هو؟ قال جاء قوم من أهل حلب وبذلوا للأمير مالاً كثيراً وسألوه أن يمكنهم فتح الحجرة وإخراج أبي بكر وعمر رضي الله عنهما منها فأجابهم إلى ذلك قال صواب: فاهتممت لذلك هماً عظيماً فلم أنشب أن جاء رسول رسول الأمير يدعوني فأجبته فقال لي: يا صواب يدق عليك الليلة أقوام المسجد فافتح لهم مكنهم مما أرادوا ولا تعارضهم ولا تعترض عليهم فقلت له: سمعاً وطاعة وخرجت فلم أزل يومي أجمع خلف الحجرة أبكي لا ترقأ لي دمعة ولا يشعر أحد بما بي حتى إذ كان الليل وصلينا العشاء الآخرة وخرج الناس من المسجد وغلقنا الأبواب فلم نلبث أن دق الباب الذي حذاء باب الأمير ففتحت الباب فدخل أربعون رجلاً أعدهم واحداً بعد واحد ومعهم المساحي والمكاتل والشموع وآلات الهدم والحفر فقصدوا الحجرة الشريفة ووالله ما وصلوا المنبر حتى ابتلعتهم الأرض جميعهم بجميع ما كان معهم من الآلات والشموع وغير ذلك ولم يبق لهم أثر فاستبطأ الأمير خبرهم فدعاني وقال: يا صواب ألم يأتيك القوم؟ قلت: بلى ولكن اتفق لهم ماهو كيت وكيت. فقال: انظر ما تقول فقلت هو ذلك.
فقال: انظر هل ترى لهم من باقية أو ترى لهم أثراً فقال لي هذا موضع هذا الحديث وإن ظهر عنك يقطع رأسك ثم خرجت عنه فلما وعيت هذه الحكاية عن هارون حكيتها لجماعة من الأصحاب ومنهم من أثق بحديثه فقال وأنا كنت حاضراً في بعض الأيام عند الشيخ أبي عبد الله القرطبي والشيخ صواب يحكي له هذه الحكاية فسمعتها بأذني من فيه. انتهى كلام الطبري وقد حكى هذه الحكاية ملخصة العلامة عبد الله المرجاني في كتابه (أخبار المدينة) وقال: سمعتها من والدي يعني الوالد الكبير أبا عبد الله المرجاني وقال سمعتها من والدي أبي محمد المرجاني سمعها من خادم الحجرة.

الصفحة 152