وقال أبا عبد الله المرجاني ثم سمعتها أنا من خادم الحجرة الشريفة وذكرها بنحوه إلا أنه قال فدخل خمسة عشر أو قال عشرين رجلاً بالمساحي والقفاف فما مشوا غير خطوة أو خطوتين فابتلهتم الأرض ولم يسم الخادم.
وأما أهل بغداد فقد تقدم في الباب الأول الاعتذار عنهم بأنهم كانوا مشغولين بما داهمهم من أمر التتار فلذلك لم يرد جوابهم عن هذا الأمر وقصتهم مع التتار عجيبة مهولة ولم يتفق مثلها من قبل ولا من بعد وتلخيصها على ما ذكر المؤرخون أن وزير الخليفة المعتصم بالله مؤيد الدين بل هو خاذل الدين ابن العلقمي الرافضي كان بينه وبين أبي بكر ابن المستعصم والدوادار عداوة عظيمة لأذيتهما لإخوانه الرافضة ونهب محلتهم المسماة بالكرخ فإنه كان قد وقع في سنة خمس وخمسين وستمائة فتنة بين أهل السنة والرافضة ببغداد أدت إلى نهب وقتل جماعة وذلت الرافضة إخوانه وأوذوا فكاتب التتار وحرضهم على أخذ بغداد لأجل ما جرى على الرافضة من النهب والخزي وظن المخذول أن الأمر يتم له وأن يقيم خليفة علوياً فأرسل أخاه ومملوكه إلى هولاكو أخزاه الله يسهل عليه أخذ بغداد وطلب أن يكون نائباً لهم عليها فوعدوه بذلك ثم ساروا ونزلوا على بغداد سنة ست وخمسين وستمائة وفي كلام بعضهم أنه حلق رأس إنسان وكتب الرسالة على رأسه بالوشم وفي آخرها: إذا قرأتم الرقعة قطعوها. وتركه إلى أن ينبت شعره واستتر ذلك بالشعر بعث بهم إليهم وقال له مرهم يحلقوا رأسك ويقرأوا ما عليها ففعلوا ذلك ثم قتلوه امتثالاً لأمره فما نزلوا على بغداد أشار ابن العلقمي المعتصم بالله أن يرسله إليهم في تقرير الصلح فخرج الخبيث وتوثق لنفسه ورجع فقال للمستعصم أن الملك هولاكو قد رغب في أن يزوج بنته بابنك الأمير أبي بكر وأن يكون الطاعة له كما كان أجدادك مع الملوك السلجوقية ثم يرتحل عنك فأجابه الخليفة إلى ذلك وخرج إليه الخليفة في أعيان الدولة ثم استدعى الوزير العلماء والرؤساء ليحضروا لعقد ابن عمه فخرجوا إليه فضربت رقابهم وصار يبعث إلى طائفته فتضرب أعناقهم حتى