كتاب الوفا بما يجب لحضرة المصطفى

بقيت الرعية بلا راع ثم أمر هولاكو بالمستعصم وولده أبي بكر فرفسا حتى مات ثم دخلت التتار بغداد وبذلوا السيف في أهلها واستمر القتل والسبي نيفاً وثلاثين يوماً فقل من نجا وعبارة ابن السبكي في الطبقات الوسطى وقتل أمير المؤمنين وبعده ساير المسلمين ورفع الصليب على جدران دور بني العباس وسمع الناقوس من بيوت الخلفاء بني عم نبي الله محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم وانتهكت المحارم وخربت الجوامع وعطلت المساجد وصارت بلاقع.
… وقال النجم سعيد الذهلي في مقدمة تاريخه أن عسكر بغداد كان قد خرج إليهم أولاً فهربوا وتبعهم عسكر بغداد وقتل البغداديون منهم خلقاً وأبعدت لاويهم إلى بغداد فلما تعدوا نهر نشيرين من دجيل فتح عسكر هولاكو من نهر نشير المذكور فحال بين عساكر بغداد والرجوع إليها وحكى لي بعض الأعيان أن ابن العلقمي أنقذ أحد أصحابه وفتح ذلك النهر على جيش المسلمين والله أعلم فدهمهم عسكر هولاكو ليس لهم منجى فلم ينج منهم إلا من نجت بهم دابته من المياه والأوحال وألقي عالم عظيم في دجلة طلباً للسلامة فهلكوا لما نقل اللامة وغلقت أبواب سور بغداد ونصب عليه المناجيق وصعد من تخلف ببغداد من الرمي ويقولون: الحال ينصلح إنشاء الله فلا تظهرون حرباً فبقي أياماً كذلك ثم عاد إلى بغداد وعسكر هولاكو يبالغون ويرمون المناجيق حتى صعدوا على السور وتمكنوا من البلد ثم ذكر خروج ابن العلقمي إليهم ثم رجوعه وخروج الخليفة وابنه إليهم ثم قتل الخليفة ووقوع السيف في بغداد قال: وعمل السيف في بغداد مدة شهر وعشرة أيام ولم ينج إلا الطفيف من أهل بغدد وإلا أهل الحلة والكوفة فإن أكابرهم توصل إلى هولاكو في الطاعة والانقياد وقضى الله سلامة أهل البصرة لعدم تمكن العسكر من العبور إليهم بطريق المد والجزر ومسح السيف من عداهم من أهل الضياع وغيرهم سوى النصارى وخلت بغداد من أهلها واستولى عليه الحريق فحرقت المحال والأسواق واحترقت دار الخليفة والجامع الكبير بها حتى وصلت النار إلى

الصفحة 154