كتاب التحفة اللطيفة في عمارة المسجد النبوي وسور المدينة الشريفة

بالأحجار المنحوتة بعد أن حفر له لذلك أساس جيد، ثم إن بعض المهندسين ذكر للناظر أن الحجر المنحوته يذهب عليه مال عظيم فأمرهم ببناء الباب الصغير الشامي بالحجر الغشيم، فلما أن كمل بناء الباب المصري والباب الشامي بالحجر الغشيم أمرهم ببناء الباب الشامي الكبير بالحجر المنحوت، ثم بعد مدة يسيرة بعد الشروع في البنا حصل بين الناظر السيد الرفاعي المذكور وبين محمود جلبي الأمير المذكور شنآن عظيم، ثم انتقل محمود جلبي المذكور إلى رحمة الله تعالى في سابع عشر رمضان (5) المعظم قدره سنة تسع بتقديم التا وثلاثين وتسمعاية ودفن ببقيع الغرقد، ثم إن الناظر المذكور باشر العمارة الشريفة بنفسه خصوصاً الباب الشامي الكبير والصغير، ثم انتقل إلى رحمة الله تعالى في عشر ذي الحجة الحرام سنة تسع وثلاثين وتسعماية توجه غالب المعمارية إلى الحج إلى بيت الله الحرام، واستمرت العمارة بطالة، وكان من قضاء الله وقدره أن مولانا الباشا المذكور عين عوض الزيني محمود جلبي المذكور بسبب مكاتب السيد الرفاعي فيه أميناً على العمارة الشريفة وكاتب الأمين هو الجناب الزيني مصطفى جلبي أحد سباهين (1) الدولة العادلة العثمانية، والكاتب هو الزيني نصوح أحد الأعيان من العساكر العثمانية بالطور، ووصل صحبتهم أيضاً مهندس على العمارة كلها من طايفة الأروام يسمى مصطفى خليفة، فوصلوا جميعاً من البحر إلى المدينة المنورة عن صفر الخير سنة أربعين وتسعماية، ولما وصل إلى مولانا الباشا المذكور خبر وفاة السيد الرفاعي شيخ الحرم الشريف، برز أمره الكريم الزيني إلى مصطفى جلبي الأمير المذكور، بأن يضبط معلقات شيخ الحرم، ويباشر المنصب المنيف، إلى أن يرد من الأبواب الشريفة الخندكارية ما يعتمد عليه، فاستمر الزيني مصطفى جلبي المذكور مع الكاتب نصوح والمباشر المذكور والمهندس المذكور بخدمته سور المدينة المنورة، فشرع في هدم الجدار القبلي منه إلى الأساس لكنه لم ينقض أساسه، وبناه بالحجر إلى أعاليه. (6) وجعل عليه الشراريف
__________
(1) أي الفرسان

الصفحة 87