كتاب التحفة اللطيفة في عمارة المسجد النبوي وسور المدينة الشريفة

السلطانية، فكان مما عرضه على مولانا السلطان الأعظم والخاقان الأكرم، احتياج المسجد الشريف النبوي إلى بنا وترميم بجدرانه، وهدم المنارة المسماة بالسنجارية وغير ذلك من المشاهد والآثار، فبرز الأمر الشريف العالي ببنا ذلك، فجهز مولانا المقام العالي ذي المجد المتعالي من الجمال والدواب والبنايين والحجارين والنحاتين، وجهز من البحر ما يحتاج إليه من الغلال وجهز من البحر (9) أيضاً الأهلة المجهزة من الأبواب الشريفة برسم القبة المنيفة، فوصل إلى المدينة الشريفة، ووضع الهلال على القبة الشريفة في تاسع عشر شوال المبارك سنة ست وأربعين وتسعماية، وهو الموجود على القبة الشريفة الآن، وهو من نحاس مطلي بالذهب وأرسل أيضاً بخمسة أهلة لكل منارة هلال، وللمنبر الشريف هلال أيضاً، ووضع ذلك عليهم. ويقال أن المصروف على طلاء الأهلة من الذهب السليماني المسكوك ألف وثمانماية ديناراً ذهباً.
وفي ذي الحجة الحرام سنة ست وأربعين وتسعماية وصلت الجمال والبهايم المذكورة صحبة الأمين الذي عين للعمارة الشريفة، وهو الجناب العالي الزيني حسن أحد المماليك السلطانية وعدتها ماية جمل وخمسون بهيماً، ووصل من البر المعلمين المذكورين وفي أوايل ربيع الثاني سنة سبع وأربعين وتسعماية وصل الكاتب على العمارة، وهو الزيني عبدي جلبي، والمباشر على ذلك وهو تاج الدين الخضيري، وصحبتهم من الغلال الشريفة من القمح والشعير والفول، ثم إن أمين العمارة المذكور ورد بالمراسيم الشريفة التي من مضمونها: أن ما يحتاج إليه المسجد الشريف من العمارة يعمر، والنظر في جميع ذلك جزئيه وكليه لمولانا المقر العالي شيخ الحرم الشريف المذكور، فجمع مولانا شيخ الحرم الشريف السادة القضاة، والأمين المذكور، والمهندس على العمارة المذكورة وهو المعلم علي بن تبك، ومن حضر من البنايين الواردين إلى المدينة المنورة والمقيمين بها، فكشفوا على المسجد الشريف النبوي، فكان مما رآه المهندس والبنايين في ذلك أن بعض جدار المسجد الغربي مع باب الرحمة محتاج إلى الهدم والإعادة وأن

الصفحة 90