كتاب التحفة اللطيفة في عمارة المسجد النبوي وسور المدينة الشريفة

الباقي (10) من الجدار الغربي مع الجدار الشرقي محتاج إلى الترميم بهدم بعض أسافله وترك العلو على حاله حاله وأن باب النسا محتاج إلى تقويته بأبراج خلفه من خارج المسجد، وأن المنارة السنجارية التي هي في الركن الشامي من جهة الشرق تحتاج إلى هدمها كلها، فاقتضى الحال الشروع في الهدم والبنا، فأول ما بني باب الرحمة، ورمم الجدار الذي يليه غربي المسجد النبوي، وكان ما يلاً من جهة المنارة الخشبية التي هي في الركن الشامي غربي المسجد النبوي ليرى هل الميل في النزايه أم لا، ثم هدمت المنارة المذكورة ونقض أساسها، وزيد في الحفر على الأساس القديم إلى أن وصل الماء، بحيث أن الماء تزايد على المعلمين حتى نقلوه بالقرب، فلما رأوا أيضاً نقله بالقرب لا يفيد، جعلوا ثلاثة دواوير كبار من الخشب السمر، ووضعوها في الماء، وبنوا على الأخشاب إلى أن علا البنا على الأخشاب قدر قامة، ثم حفروا تحت الدواوير حتى نزلت بما عليها من البنا إلى أصل الأرض الطيبة، ثم أزيل الماء المجتمع في جوف الدواوير، ودك وسطها بالحجر، فالمونة الطيبة الجيدة، وكان عمق أساسها ثلاثة عشر ذراعاً بذراع العمل وعرضه سبعة أذرع في سبعة أذرع، وبنيت من الحجر المنحوت، ثم لما وصل البناء إلى وجه الأرض، اختصر من عرضها ذراع، وبنيت على التربيع إلى أن تعلت على سطوح المسجد ثمنت، وفي أثناء ذلك هدم ما يحتاج من الهدم من الجدار الشرقي جدار المسجد الشريف النبوي ورمم، ولم يهدم شيء من أعاليه وإنما نقض بعض أسافله من خارج المسجد، وبني أيضاً باب النسا وجعل له برجين عظيمين تقوية، وكتب التاريخ على كل من البابين باب الرحمة وباب النسا باسم مولانا السلطان (11) الأعظم نصره الله تعالى وأدام أيامه واستمرت العمارة في المنارة الشريفة.
ثم في غرة محرم الحرام سنة ثمان وأربعين وتسعماية توجه المقر مولانا الكريم العالي محمود جلبي شيخ الحرم الشريف المذكور إلى الأبواب العالية

الصفحة 91