كتاب المسائل الست الكرام

فأجاب عن ذلك جمعٌ من العلماء شكر الله سعيهم؛ وقد اخترنا من ذلك جواباً عن الإمام الشافعي؛ وثمرته: أن من المعلوم في لغة العرب، جواز إضافة الفعل إلى الآمر؛ كجواز إضافته إلى الفاعل له؛ كقولك: بنى فلانٌ داراً؛ إذا أمر ببنائها؛ وضرب الأمير فلاناً؛ إذا أمر بضربه. ومن هذا الباب: رجم رسول الله عليه السلام ماعزاً.
وكان أصحاب رسول الله عليه السلام منهم المفرد والقارن والمتمتع، يضاف كل ذلك إليه عليه السلام.
وأجاب الخطابي بأنه يحتمل أن يكون بعضهم سمعه يقول: ((لبيك بحجةٍ)) وخفي عليه ((وعمرة))، فقال: كان عليه السلام مفرداً، ولم يحكِ إلا ماسمع، وسمعه آخر يقول: ((لبيك بحجةٍ وعمرةٍ))؛ فقال: كان عليه السلام قارناً. ولا ننكر الزيادات في الأخبار؛ كما لا تنكر في الشهادات.
وفي ((البحر العميق في فضائل البيت العتيق)): طريق الجمع بين الأحاديث عند جماعةٍ من محققي العلماء والمحدثين؛ أن سيدنا رسول الله عليه السلام أفرد الحج في أول الإحرام؛ ثم أتاه من ربه [آتٍ] بوادي العقيق؛ كما ثبت في الصحيح؛ فقال: ((صل في هذا الوادي المبارك ركعتين، وقل: عمرةٌ في حجةٍ))؛ فقرن رسول الله عليه السلام.
فمن روى أنه أفرد الحج اعتمد أول الإحرام، ومن روى أنه كان قارناً اعتمد آخر الإحرام، ومن روى أنه كان متمتعاً فهو محمولٌ على أنه عليه السلام تمتع بالعمرة في أشهر الحج وفعلها مع الحج، وهذا معنى القران. أو: على أنه عليه السلام أمر بذلك؛ كما مر.
وللعلماء في ذلك جواباتٌ أخر، والله أعلم.

الصفحة 27