كتاب تاريخ المدينة لابن شبة

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ، وَمُجَالِدٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: §نَزَلَ بِي أَعْرَابِيُّ مِنَ الْحَيِّ مِنْ أَحْمَسَ فَانْصَرَفْتُ بِهِ إِلَى الْمَنْزِلِ فَلَمْ آلُهُ تَكْرِمَةً. فَقَالَ: أَكُلُّ الْحَيِّ يَجِدُ مَا أَرَى؟ فَقُلْتُ: إِنَّ أَخَسَّهُمْ عَيْشًا لَنْ يَشْبَعَ مِنَ الْخُبْزِ وَالتَّمْرِ. قَالَ: أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ كُنْتَ صَادِقًا لَيُوشِكَنَّ أَنْ تَقْتَتِلُوا، فَإِنَّ الْعَرَبَ وَاللَّهِ مَا زَالَتْ إِذَا شَبِعَتِ اقْتَتَلَتْ. قَالَ قَيْسٌ: فَمَا لَبِثَ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَنُزِيَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَاقْتَتَلَ النَّاسُ يَوْمَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ وَنَهْرَوَانَ
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ الْمَاجِشُونِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي وَغَيْرُهُ أَنَّ الَّذِي دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ , وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ , فَقَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «§أَرْسِلْهَا يَا ابْنَ أَخِي فَوَاللَّهِ لَوْ كَانَ أَبُوكَ مَا أَخَذَ بِهَا»
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحُبَابِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هَارُونَ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ -[1297]- فَشَتَمَهُ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ابْنَ أَخِي لَوْ كَانَ أَبُوكَ مَا قَامَ هَذَا الْمَقَامَ اتَّئِدْ أُخْبِرْكَ، ثُمَّ افْعَلْ مَا أَرَاكَ اللَّهُ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَنِي ابْنَتَيْهِ إِحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى ثُمَّ قَالَ: «§أَلَا أَبُو أَيِّمٍ أَوْ أَخُو أَيِّمٍ يُزَوِّجُ عُثْمَانَ، فَلَوْ كَانَ عِنْدَنَا شَيْءٌ لَزَوَّجْنَاهُ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ ظَمِئُوا ظَمَأً شَدِيدًا فَاحْتَفَرْتُ بِئْرًا فَأَعْطَيْتُ عَليَهَا النَّفَقَةَ , ثُمَّ جَعَلْتُهَا صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْقَوِيُّ فِيهَا وَالضَّعِيفُ سَوَاءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ يَشْتَرِي هَذَا النَّخْلَ فَيُقِيمُ بِهِ قِبْلَةَ الْمُسْلِمِينَ» وَكَانَ نَخْلًا لِبَنِي النَّجَّارِ فَاشْتَرَيْتُهُ بِمَالٍ عَظِيمٍ فَأَقَمْتُ بِهِ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، وَضَمِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَخْلًا فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَبَلِ حِرَاءَ فَرَجَفَ فَضَرَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَمِهِ وَقَالَ: «اثْبُتْ حِرَاءُ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ» ، وَعَلَى الْجَبَلِ يَوْمَئِذٍ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ الْمِيرَةَ انْقَطَعَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ حَتَّى جَاعَ النَّاسُ فَخَرَجْتُ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَوَجَدْتُ خَمْسَ عَشْرَةَ رَاحِلَةً عَلَيْهَا طَعَامٌ , فَاشْتَرَيْتُهَا -[1298]- فَحَبَسْتُ مِنْهَا ثَلَاثًا وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيمَا أَمْسَكْتَ وَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيمَا أَعْطَيْتَ» ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنْشُدُكَ اللَّهُ هَلْ تَعْلَمُ أَنِّي جِئْتُ بِالدَّرَاهِمِ فَصَبَبْتُهَا فِي حِجِرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: اسْتَعِنْ بِهَا. فَقَالَ لِي: «مَا يَضُرُّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ» ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَكَيْفَ تَقْتُلُنِي؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَلْقَى اللَّهَ بِدَمِكَ أَبَدًا. قَالَ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ آخَرُ , فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: لَا وَاللَّهِ لَا أَلْقَى اللَّهَ بِدَمِكَ أَبَدًا. قَالَ: فَقَالُوا: لَا يَقْتُلُهُ إِلَّا مَنْ لَا يُنَاظِرُهُ الْكَلَامَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ تُجِيبَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَقَالَ لَهُ: اتَّئِدْ فَأُخْبِرْكَ. قَالَ: لَا أَسْمَعُ كَلَامَكَ، وَمَعَهُ قَوْسٌ لَهُ عَرَبِيَّةٌ فَضَرَبَ بِهَا رَأْسَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: فَوَقَعَ فَتَلَقَّاهُ بِمَشَاقِصِهِ فَنَحَرَهُ - وَتَحْتَ عُثْمَانَ يَوْمَئِذٍ بِنْتُ شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَشَقَّتْ جَيْبَهَا وَصَاحَتْ، فَخَرَجَ غُلَامٌ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَبَشِيٌّ , فَلَمَّا رَأْى مَوْلَاهُ قَتِيلًا أَخَذَ السَّيْفَ ثُمَّ تَبِعَهُ , فَلَمْ يَخْرُجْ مِنَ الدَّارِ حَتَّى قَتَلَهُ. قَالَ أَبِي: فَأَتَى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ إِذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مُنَازَعَةٌ قَالَ: أَنَا إِذًا أَشَرُّ مِنْ قَاتِلِ عُثْمَانَ

الصفحة 1296