كتاب النظرات الماتعة في سورة الفاتحة

وبياض وجهكَ للتراب الأعفر (¬1).
ومنه قول لبيد بن ربيعة:
باتت تشكى إلي النفس مجهشة
وقد حملتكِ سبعا بعد سبعينا (¬2).
وفيهما الرجوع إلى الخطاب بعد الغيبة، وهذا في كتاب الله - عز وجل - كثير (¬3).
والمعنى: نخصك بالعبادة وحدك لا شريك لك، فنخشع ونذل ونستكين، ولا ريب أن الرجاء والخوف لا يكونان إلا مع ذلة، والعبودية عند العرب الذلة تقول: طريق معبد، أي: مذلل قد وطئته الأقدام، وذللته السابلة: جعلته معبدا، ومن ذلك قول طرفة بن العبد:
تُباري عتاقا ناجيات وأتبعت
وظيفا وظيفا (¬4) فوق مور معبد (¬5).
وقد قدم الضمير {إِيَّاكَ} في الجملتين للإشعار بخصوصية العبادة والاستعانة بالله وحده لا شريك له، ولئلا يتقدم ذكر العبد والعبادة على المعبود، فلا يجوز
¬_________
(¬1) منسوب لأبي كبير الهذلي، وليس في ديوان الهذليين.
(¬2) في ديوانه (ص 225) وقال (قامت) وانظر: (جامع البيان 1/ 153، 154) بتصرف.
(¬3) انظر سورة يونس (الآية (22) وسورة الدهر (الآيتين 21، 22).
(¬4) المراد به هنا خف الناقة الموصوفة، وانظر (جامع البيان (1/ 161).
(¬5) في (ديوانه ص 35).

الصفحة 108