كتاب النظرات الماتعة في سورة الفاتحة

سميت الشفاء والشافية: لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (هي شفاء من كل داء) (¬1).
سميت القرآن العظيم: ذكره القرطبي وعلله بقوله: لتضمنها جميع علوم القرآن (¬2)، وفي نظري أن تستمد هذه التسمية من حديث أبي سعيد بن المعلى عند الإمام البخاري، أخرج الإمام البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى - رضي الله عنه - قال: مر بي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أصلي، فدعاني فلم آته حتى صليت، فقال: (ما منعك أن تأتي؟ ) فقلت: كنت أصلي، فقال: ألم يقل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (¬3)؟ ، ثم قال: ألا أعلمك أعظم سورة في
¬_________
(¬1) أخرجه الدارمي (2/ 320) مرسلاً من حديث عبد الملك بن عمير، ويمكن أن يكون سمعه من أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، فإنا نظرنا في التأريخ وفيه إمكان السماع، لكن تكلم فيه الأئمة، ولا أرى رتبته إلا أقل مما قدّر له الحافظ في التقريب فإنه قال: ثقة، وجاء في تفسير القرطبي قوله: روى الدارمي عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فاتحة الكتاب شفاء من كل سم). قلت: الذي عند الدارمي (من كل داء) واللفظ المذكور هو حديث أبي سعيد الخدري كما في شعب الإيمان للبيهقي 2/ 450 انظر (الجامع لأحكام القرآن 1/ 112).
(¬2) الجامع لأحكام القرآن (1/ 112).
(¬3) من الآية (24) من سورة الأنفال، ومن هذا يستفاد وجوب الاستجابة لنداء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته، وقطع ما يعوق الإجابة ولو كان العائق عبادة، وبعد موته - صلى الله عليه وسلم - تكون الاستجابة لأمره ونهيه.

الصفحة 22