كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)
10…أما الفصل الثالث، فهو عن الأوضاع العامة للسكان في المدينة، بعد الهجرة. حيث تناولت الدراسة - في الفقرة الأولى - النواحي الاجتماعية العامة، مثل الدعوة إلى الهجرة، كعمل ضروري ولازم لخلق مجتمع متحضر ومتكامل، وقادر على حماية دينه وتبليغه للعالمين، حين يدعى إلى ذلك في الال. ومثل التهيئة النفسية والسياسية بين المسلمين ليكونوا قادرين على حماية الإسلام ونشره. وكذلك تناولت الدراسة، المواضيع الاجتماعية الأخرى كمسألة التكيف في المجتمع المدني، سواء بالنسبة للتكيف مع المناخ أم بالنسبة للتكيف مع عادات وتقاليد المجتمع الجديد، بحكم تعدد قبائله واختلاف أجناسه. وكذلك مواجهة الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الهجرة، مثل ضرورة توفر السكن الملائم وكسب مستوى معيشي لائق. أما الفقرة الثانية، فهي عن العلاقات الاجتماعية بين السكان. وقد تناولت علاقات المصاهرة بين قريش والأنصار وبين قريش وسائر القبائل المهاجرة، كما تناولت العلاقات الاجتماعية بين الأنصار وسائر المهاجرين. ثم تطرقت الدراسة، في الأخيرة، إلى ذكر المجالس والأندية العامة، كمراكز اجتماعية وسياسية، لتداول الرأي والمشورة، أو للترويح عن النفوس. أما الباب الثاني، فهو مختص بذكر التظيم السياسي الإداري والاجتماعي للقبائل. وقد واجهتنا، خلال دراستنا للتنظيم، صعوبات كبيرة. لعل من أهمها، الغموض الذي كتنف طبيعة تطبيق بعض التنظيمات. وهو ما جعلنا نميل إلى الاعتقاد، أن هذه التنظيمات لم تكن تستهدف إجبار الناس على تطبيقها - قانوناً - بقدر ما أريد بها تعويد القبائل وتصحيح مسارهم على الطرق المثلى للبيئة الإسلامية والسلوك السوي العام. كما أننا لم نجد نصوصاً صريحة، يمكن اعتبارها، وثائق مكتوبة، تختص بالتنظيمات الإدارية السياسية والاجتماعية في المدينة، خلال العصر النبوي، ولذا كان معولنا، في عرض تلك التنظيمات، يعتمد على تحليل الصور التاريخية، التي تناولت، بصفة عامة، مجتمع المدينة، خلال العصر النبوي، مع الحرص كثيراً على الرجوع إلى القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، وكذلك كتب التفسير والفقه. وذلك بغرض تخريج المعلومات التي تجمعت لدينا في هذا المجال. ثم إن الباحث، كذلك، حرص على إيراد الشواهد والمواقف التاريخية - حول موضوع الدراسة، كأدلة وبراهين. وهو في هذا كان يتحاشى تحميل النص أكثر مما يحتمله من معنى تاريخي أو لغوي. وقد قسمنا هذا الباب، عن التظيم، إلى فصلين. الفصل الأول مختص بذكر المراحل العامة لتنظيم القبائل. وهي ثلاث مراحل. وناقشنا، عند عرضنا، للمرحلة الأولى، وهي مرحلة التنظيم العشائري، أهمية اتباع هذا التنظيم - مع بداية تكوين المجتمع الإسلامي - وبينا بعض أهدافه ومسؤولياته، التي اطلع بها، للمشاركة في البناء، مع رأس السلطة وجهازها الخاص، في جميع النواحي الاجتماعية والدينية والحربية وغير ذلك. كما ألمحنا إلى الإدارة الداخلية للتنظيم العشائري، وأهميتها في تقوية كيانه، مشيرين في هذا، إلى رئاسة التنظيم العشائري، وطبيعة عمل النقيب في المجتمع المدني بصفة عامة. وتعد المرحلة الثانية، وهي التنظيم الجماعي، مرحلة تالية للمرحلة الأولى. غير أنها - في الواقع - مرحلة متداخلة مع التنظيم السابق، في المرحلة الأولى، أي التنظيم العشائري، ونفس الشيء مع المرحلة الأخيرة، أي تنظيم عصبية…