كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

105…الجميع في قالب إسلامي واحد (1). وقد ظهر ذلك في دعوته إلى توحيد آداب المائدة (2)، وآداب السلوك والمجالس (3)، وغير ذلك من العادات والتقاليد الإسلامية. وبإمكان من أراد الزيادة والاطلاع أن يرجع إلى كتب الفقه والحديث كالموطأ لمالك، وصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داوود وغيرها، ففي أبوابها أحاديث كثيرة يستنتج من دراستها صورة ما كان عليه المجتمع المدني منتقاليد وعادات، على اعتبار أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان هو القدوة الحسنة في ذلك المجتمع وما كان يأمر به كان يتبع بصفة عامة. كما أننا سنشير إلى بعض هذه العادات، خلال البحث. ولو تناولنا حديثاً لعائشة - كنموذج لما ذكرنا - روت فيه عن رسول الل قوله: "عشرة من الفطرة، قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك، والاستنشاق بالماء وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء يعني الاستنجاء به (4) "، لأمكننا تتبع ذلك التطور في التقاليد وحقيقة التكيف الاجتماعي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالذي نعرفه أن عادة الغسل بالماء بعد قضاء الحاجة كانت عادة شائعة في أهل المدينة قبل الهجرة (5). ويقال إنهم اكتسبوها عن جيرانهم اليهود (6).
الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن الهجرة
أولى الصعوبات الاجتماعية، التي واجهت المهاجرين، كانت مسألة الحصول على مساكن ملائمة للسكنى. وقد نزل بعضهم على بيوت الأنصار بقباء (7). ثم ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم، في المدينة الخيام، في صحن المسجد لسكنى الوفود خلال تلك الأزمة (8). وعمل على تشجيع البناء ودعى بالبركة لمن باع عقاراً أو داراً، وجعل ثمنها في مثلها (9).…
__________
(1) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص354. (2) ابن حجر: نفس المكان. (3) ابن حجر: نفس المصدر، جـ3، ص641. (4) أبو داوود: السنن، جـ1، ص14. (القاهرة، 1354هـ). (5) ابن حجر: الإصابة، جـ2، ص91. (6) عن عويم بن ساعدة أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأهل قباء: "إن الله قد أحسن الثناء عليكم في كتابه العزيز. فقال: فيه رجال يحبون أن يتطهروا إلى آخر الآية. ما هذا الطهور؟ فقالوا: ما نعلم شيئاً إلا أنه كان لنا جيران من اليهود كانوا يغسلون أدبارهم من الغائط، فغسلنا كما غسلوا". (انظر: المطري: التعريف، ص49). (7) ابن إسحاق: السيرة، جـ2، ص328 - 341، ابن سعد: الطبقات، جـ3، ص232، ابن كثير: البداية والنهاية، جـ3، ص173 - 174، السهيلي: الروض الأنف، جـ2، ص220 - 221، البلاذري: فتوح البلدان، جـ1، ص1. (8) ابن حجر: المصدر السابق، جـ2، ص45 - 46. (9) ابن حجر: الإصابة، جـ2، ص45 - 46.

الصفحة 105